اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات: ميسرة أم معيقة للعمل الأهلي؟

رانية فهمي

الأحد 8 أغسطس 2021

* الكاتبة: رانية فهمي - باحثة قانونية، واستشاري العدالة الجنائية للأطفال
 
استبشرت خيراً عند صدور القانون رقم 149 لسنة 2019 لتنظيم ممارسة العمل الأهلي في أغسطس 2019 إذ تفادى أهم المعوقات أمام العمل الأهلى التي شابت القانون رقم 70 لسنة 2017، وذلك بالرغم من تحفظي على بعض مواد القانون الجديد. وتطلعت أن ترسم لنا اللائحة -نحن المهتمين والممارسين للعمل الأهلي- خارطة طريق تيسر الإجراءات الإدارية والمالية لتشجيع العمل في كيانات لا تهدف للربح، وتواجه الجادة منها تحديات كبيرة في الوقت الراهن.

إلا أن قراءتي لمواد اللائحة التنفيذية، التي صدرت في 11 يناير 2021، تركت لدي تساؤلات عدة عما إذا كانت اللائحة بالفعل تؤدي هذه المهمة المرجوه. وفي هذا البحث سوف أتناول كل الذي كنت أود أن تتداركه اللائحة من تحفظات على مواد القانون ولم أجده فيها وإُبدي بعض التعليقات على بعض المواد التي تتناول النواحي المنظمة للمسائل الادارية والمالية.
 
أولا: النواحي الإدارية

تعريفات

الوحدة
لا أفهم كيف يتم الإشارة في اللائحة على أن الكيانات الخاضعة وقت صدورها هي تلك المقيدة بـ"الوحدة"، والمقصود بها "الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي"، في حين أنها وحدة مستحدثة وفقا للقانون 149 لسنة 2019 وأفردت لها اللائحة  53 مادة (من المادة 118-172) وبالتالي لم تكن قائمة وقت صدورها.
وهذا قد يخلق التباسا لدى العاملين في المجال الأهلي، الذين قرروا البدء في إجراءات التسجيل في حالة الكيانات الجديدة أو توفيق الأوضاع في حالة تلك القائمة، على الجهة المعنية بالوزارة: هل هي الادارة المركزية للجمعيات والاتحادات القائمة وقت صدور اللائحة أو الوحدة الجديدة التي ستنشأ بعد صدورها؟
 
الجمعية العادية والمنظمة الاقليمية
ليس واضحاً بالنسبة لي الفرق بين الجمعية العادية والمنظمة الإقليمية. فتعريف القانون 149 (مادة 1) للمنظمة الاقليمية إنها "جمعية أو مؤسسة أهلية مصرح لها بفتح فروع في دولة أو أكثر لممارسة العمل الأهلي" في حين نصت اللائحة (مادة 33) على أن من حق الجمعية العادية فتح فروع لها خارج مصر، فهل يخول لها هذا الحق اعتبارها منظمة إقليمية؟
 
الجمعية والمنظمة ذات النفع العام
وأيضا ليس واضحاً الفرق بين الجمعية والجمعية ذات النفع العام لتشابه أهدافهما المتمثلة في "تحقيق مصلحة عامة وعدم الاقتصارعلى خدمة أعضائها" في حالة الجمعية ذات النفع العام واستهداف "تنمية الفرد والمجتمع" التي بطبيعة الحال تتخطى المستفيدين المباشرين لها في حالة الجمعية العادية. (مادة 1 من القانون)
وفي حالة ما اكتسبت الجمعية صفة النفع العام يمكن أن توكل لها وزارة التضامن إدارة مؤسسة تابعة لها أو لغيرها أو تنفيذ بعض مشروعاتها.
لكن هنا أيضا لم يوضح القانون ولا لائحته العائد المادي الذي سيعود على الجمعية من تحملها لهذه الأعباء الزائدة: هل ستخصص لها الوزارة موارد مالية أو بشرية من صندوق دعم الجمعيات مثلاً؟  أم ستكتفي بالمميزات التي نص عليها القانون من عدم الحجز على كل أموالها أو بعضها، وحقها في طلب نزع ملكية أرض مملوكة للغير لمصلحتها لتقوم بأنشطتها وفي أن يكون لها مقرات أو أراض مملوكة للدولة؟
 
المدد الطويلة لمنح الموافقات
حددت اللائحة مدداً مختلفة لمنح موافقة أو ترخيص الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، وهي وحدة مستحدثة وفقا للقانون 149 والجهة الإدارية المختصة بالعمل الأهلي.
وأود أن أركز على هذه المدد في ست مسائل هامة هي:
1. إطلاق أو تنفيذ الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية المصرية أو كليهما معاً مبادرة أو حملة لنشاط معين من أنشطة العمل الأهلي المصرح للجمعيات (مادة 22)
2. الانضمام أو الانتساب أو المشاركة أو التعاون مع جمعية أو هيئة أو منظمة أجنبية (مادة 32)
3. قبول وتلقي الأموال العينية من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو أجنبية من خارج البلاد، أو من أشخاص طبيعية أو اعتبارية أجنبية من داخل البلاد (مادة 47)
4. جمع التبرعات (مادة 56)
5. دمج مؤسسة في أخرى (مادة 106)
6. استعانة كيانات المجتمع المدني بالأجانب في صورة خبراء أو عاملين دائمين أو مؤقتين أو متطوعين (مادة 113).
 
بعد مراجعة مواد القانون لمعرفة النص في تلك المسائل الست تبين لي أن القانون لم يحدد مدداً للموافقة على أي منها إذ ترك تحديدها للائحة وبالتالي فالأخيرة لها القول الفصل في تحديدها.
وقد حددت اللائحة المدة بأنها خلال ستين يوم عمل (أي حوالي ثلاثة أشهر كاملة) في حالة الموافقات الخاصة بالمبادرات وقبول وتلقي الأموال العينية ودمج مؤسسة أهلية بأخرى، وخلال ستين يوم ميلادي (أي شهرين إذ ورد فقط أنها ستين يوم وليس ستين يوم عمل) بالنسبة للتعاون مع منظمة أجنبية وللاستعانة بأجنبي، وخلال تسعين يوم عمل (أي خمسة أشهر كاملة) من تاريخ تقديم الطلب في حالة دمج مؤسسة غير حاصلة على صفة النفع العام مع مؤسسة ذات نفع عام وبقرار من رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه.
ومن اللافت للنظر أنه في حالة جمع التبرعات فالمدة هي خلال ستين يوم لتقديم الطلب وخلال ثلاثين يوم عمل للبت فيه من الجهة الإدارية.
 
وأرى أن فترة الستين يوما أو ستين يوم عمل أو التسعين يوم عمل فترات طويلة جداً فبالرغم من أن الحصول على موافقة جهة الادارة خلال هذه المدد يعطيها الحق في منح الموافقات قبل تمام انقضائها، بمعنى أي تاريخ خلال هذه المدد، إلا إنه لا يوجد ذكر في النصوص إلى وجوب الإسراع بمنح هذه الموافقات لما لها من تأثير مباشر في تيسير العمل للجمعيات.
فالتأخير مثلاً في منح الموافقة لجمع التبرعات أو قبول وتلقي الأموال العينية يؤثر سلباً على الجمعيات التي تكون في أمس الحاجة للأموال النقدية والعينية لتنفيذ برامجها.
 وبخصوص الاستعانة بالأجانب سواء في صورة خبراء أو عاملين دائمين أو مؤقتين أو متطوعين فإن ذلك غالبا ما يكون لعدم توافر هذا النوع من الخبرة لدى الجمعية أو المؤسسة، الأمر الذي قد يتكشف قبل أو أثناء تنفيذ مشاريع وبرامج الجمعية.
وبما أن التمويل المتاح للمجتمع الأهلي بصفة عامة عادة ما يكون قصير المدى (من سنة إلى ثلاث سنوات قابلة للتجديد) فإن هذه المدة للاستعانة بالأجنبي لا تتيح الاستفادة من خبراته الاستفادة التامة خلال المدة.

ومن ناحية أخرى لو كانت اللائحة نصت على فترة أقصر لما كانت هناك الحاجة إلى منح بعض الفئات استثناء من مهلة الستين يوما المشار إليها وفقاً لما يراه الوزير المختص من اعتبارات الصالح العام، كما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة 113.
كما لم يتم توضيح الإجراءات في حالة عدم موافقة الوحدة أو الوحدة الفرعية على اشتراك الاجانب في الجمعية. هل تعتبر موافقة ضمنية عند انقضاء مدة الستين يوما؟
 وعن قرار أي مؤسسة أهلية في التعاون أو الدمج مع مؤسسة أخرى، سواء كانت ذات نفع عام أم لا، أو التعاون مع منظمة أجنبية فيكون لغرض تكامل الأنشطة والمشاريع بينهما وتعزيز العمل الأهلي والتوسع في الفئات المستفيدة، والفترتان (ستين يوما بالنسبة للتعاون أو الدمج مع مؤسسة وتسعين يوما بالنسبة للدمج مع مؤسسة ذات نفع عام) هما فترتان طويلتان مما يخشى منه تحجيم فعالية تنفيذ هذه البرامج.
 وكذلك الحال بالنسبة للمبادرات، فهي غالبا ما تنشأ تلبية لحاجة ملحة للفئات المستهدفة مثل التصدي لكوارث طبيعية مثل سيول أو أوبئة أو غيرها وتداعياتها من الأمور التي لا تحتمل التأخير والتي قد يستغرق معالجتها أو الحد من آثارها مدداً طويلة.
كما ألزمت اللائحة القائمين على المبادرات بالتقدم بعد مرور سنة للجهة الإدارية لتجديد الترخيص وبعد المرور بنفس الاجراءات، إذ نصت الفقرة الأخيرة من المادة 22 على "في جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد مدة التنفيذ على عام ميلادي قابلة للتجديد بعد موافقة الوحدة".
وهنا لم يذكر ما إذا كان يجب على القائمين على المبادرة الحصول على موافقة جديدة للوزارة خلال 60 يوم عمل.
 
ولي هنا أيضا تساؤل، ففي حالة مدد تجديد الترخيص للمبادرة للأشخاص الاعتباريين، ألا يُعتبر الشخص الاعتباري المنفذ للمبادرة "ممارسا" للنشاط الأهلى وقتها يستوجب خضوعه لأحكام توفيق الأوضاع وليس فقط الحصول على ترخيص لتنفيذ المبادرة؟  
 
أما بالنسبة لتجديد تصريح عمل المنظمة الأجنبية غير الحكومية فهناك فجوة زمنية ثلاثين يوم عمل بين التقدم بالطلب والموافقة عليه من الوزير المختص إذ تنص المادة 111على التقدم بالطلب قبل انتهاء مدة الترخيص بستين يوم ثم يصدر قرار بتجديد الترخيص في الطلب خلال تسعين يوماً من تاريخ طلب التجديد. أي أن هناك ثلاثين يوماً تصبح المنظمة بلا ترخيص. ولم توضح المادة ما هو وضع المنظمة اثناء هذه الفترة، كما أني لست متأكدة من هو الوزير المختص باصدار قرار التجديد: هل هو وزير الخارجية أم وزير التضامن، وما هي الجهات المعنية التي تبحث المسألة مع الوزير المختص؟
 
توفيق الأوضاع
ألزمت اللائحة "الكيانات التي تمارس أنشطة مرخصًا بها بخلاف العمل الأهلي، وقامت بممارسة العمل الأهلي أو نشاطاً يدخل في أغراض الجمعيات الأهلية، أن توفق أوضاعها بمجرد إخطارها بذلك من الوحدة." (مادة 2) وهذا يشمل الشركات ومكاتب المحاماة التي تقوم بأنشطة العمل الأهلي، وإدارات المسؤولية المجتمعية بالشركات أو البنوك أو غيرها من الكيانات الخاضعة لقوانين أخرى في نشاطها الأساسي ولكن ارتأت استحداث إدارة مسئولية مجتمعية كنشاط فرعي.
وكنت أفضل أن تورد المادة البديل الآخر لبدء إجراءات توفيق الأوضاع وهو ما نص عليه القانون في مادته الرابعة من مواد الإصدار أنه "بمجرد العمل بهذه اللائحة أيهما أقرب".
وفي حين أن القانون كان واضحاً في توضيح عاقبة عدم توفيق الأوضاع لكل كيانات العمل الأهلي المسجلة بوزارة التضامن أو غير المقيدة (المادة الثانية من مواد الإصدار)، جاءت المادة 13 من اللائحة لتشير فقط للجزاء على الكيانات غير المقيدة وهو اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري المختصة لإصدار حكمها بحل هذا الكيان على وجه السرعة. كما أن عبارة "إلغاء الترخيص أو التصريح الصادر للكيانات غير الخاضعة للقانون" تثير قلقاً بالغاً لدى تلك المنشأة وفق أحكام قوانين أخرى ولكن بها إدارات عمل أهلي أو مسؤولية مجتمعية كإدارة واحدة فقط من مجمل برامجها، لأن نص المادة يعني إلغاء الترخيص للكيان كله وليس للإدارة المعنية بالعمل الأهلي فقط.
 وفي كلا الأمرين السابقين، بما أن اللائحة التنفيذية هي خارطة الطريق والمفسرة للقانون فكان يجب تضمين نصوص القانون في اللائحة للتيسير ومنع الخلط والالتباس لدى العاملين في المجال الأهلي.
 وعلى أية حال وبخصوص إحالة الكيان العامل في المجال الأهلي لمحكمة القضاء الإداري فقد كنت أود أن يكون للكيان حق الطعن على حكم المحكمة بالحل بأن يرد نص يعطيه الحق بعرض وجهة نظره وفحص المستندات التي يتقدم بها لتأييدها.
فإذا أصدرت المحكمة حكماً بحله، فإنه يجوز له أن يطعن على هذا الحكم بالاستئناف أمام المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة المختصة طبقاً لأحكام قانون المرافعات وفي مواعيد الإستئناف المقررة فيه. فإذا أصدرت المحكمة حكماً برفض الطعن وبحل الكيان، فللأخير أن يطعن على هذا الحكم بالنقض طبقاً للأحكام القانونية المقررة للطعن بالنقض.

بالنسبة لإدارات المسؤولية المجتمعية بالشركات أو البنوك: في اعتقادي يجب أن يكون هناك تفرقة بين مسألتين: هل الإدارة هي التي ستقوم بأنشطة العمل الأهلي بنفسها أو ستعهد لجمعية أو مؤسسة خاضعة لقانون الجمعيات بالقيام بالأنشطة ودورها هنا سيقتصر فقط على تمويل هذه الأنشطة ومتابعتها وتقييمها للتأكد من تنفيذها حسب الاتفاق بين الشركة/البنك الممول والجمعية/المؤسسة؟
في الحالة الأولى: يجب على البنك أو الشركة إنشاء جمعية/مؤسسة تعمل من خلالها هذه الإدارة.
وفي الحالة التانية: أظن أنه لا يجب على البنك أو الشركة إنشاء جمعية ويعامل الكيان فقط كشخص اعتباري ممول لأنشطة وبرامج جمعيات/مؤسسات أهلية.  
 
مجالات عمل الجمعيات
هي مجالات تنمية المجتمع التي تتوافق مع خطط الدولة التنموية واحتياجات المجتمع (مادة 14 من القانون و27 من اللائحة) وقد أصدرت وزارة التضامن نموذجا استرشاديا بهذه المجالات في وقت لاحق على إصدار اللائحة وكان الأحرى أن يُرفق كملحق لها حين صدورها. كما لم ترفق باللائحة نماذج هامة استرشادية مثل لائحة النظام الداخلي التي تنظم الأمور المالية والادارية للجمعية.
 أما عن حظر القانون على الجمعيات ممارسة أنشطة من شأنها الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة أو الوحدة الوطنية أو الأمن القومي (فقرة د، مادة 15) فهذه العبارات عبارات غير محددة ويُخشى أن يُترك تفسيرها لتقدير موظفي الجهة الإدارية أو سلطات الدولة وتجد الجمعية نفسها واقعة تحت طائلة القانون وعُرضة لتوقيع العقوبات عليها. وكنت أرجو أن تقدم اللائحة التنفيذية تفسيراً أو تعريفاً دقيقاً لهذه العبارات ولكنها لم تتطرق لذلك.
 وبخصوص ضرورة الحصول على تصريح من الوزارة على منح الشهادات العلمية أو المهنية أو الشراكة الرسمية مع الجامعات، (بند "ز"، مادة 15)، في تقديري كان يجب استثناء شهادات اتمام دورات تدريبية داخلية تقوم بها الجمعية لفئات مستهدفة من هذا الشرط لأن منح شهادة من هذا النوع يفيد فقط تقرير حالة وليس القيام بوظيفة مؤسسات رسمية أكاديمية.  
 أما بخصوص ممارسة الجمعية لأي أنشطة بالمناطق الحدودية التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء لكن بعد استيفاء المستندات المطلوبة وموافقة وزارة التضامن بعد أخذ رأي المحافظ المختص وموافقة الجهات المعنية (غالباً الجهات الأمنية)، (مادة 14 من القانون و28 من اللائحة) فهل صدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد هذه الأنشطة؟
 
استطلاعات الرأي
كان القانون قد حظر على الجمعيات إجراء إستطلاعات الرأي أو نشر أو إتاحة نتائجها أو إجراء بحوث ميدانية أو عرض نتائجها بدون الرجوع  للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للتأكد من سلامتها وحيادها وتعلقها بنشاط الجمعية، وإلا تعرضت الجمعية لعقوبات مالية باهظة. وأرى أن هذا الإجراء يمكن أن يعيق عمل الجمعية لأن جزءا هاما جدا من عملها هو القيام ببحوث ميدانية لمعرفة احتياجات الفئة المستهدفة أو لقياس أثر البرامج التي تقوم بها الجمعية على المستفيدين، خاصة أن الجمعية تخضع أصلاً لرقابة الجهة الإدارية (وزارة التضامن).
وكنت آمل أن تضع اللائحة التنفيذية تعريفاً محدداً لاستطلاعات الرأي الإجمالية عن مجال معين من المجالات الاقتصادية والاجتماعية المحظور على الجمعيات القيام بها إلا بموافقة الجهاز المركزي، كأن تُصدر الجمعية بيانات عن نسبة الفقر في مصر مثلاً بناءً على مسح لعينة من المواطنين قامت به مخالفة لبيانات الجهاز، والتفرقة بين هذه النوعية من البيانات وبين استطلاعات الرأي أو البحوث الميدانية المحدودة التي تقوم بها الجمعيات على الفئات المستهدفة من برامج الجمعية. ولكن لم تتطرق اللائحة لهذا الأمر الهام.
 
مجالس الإدارة ومجالس الأمناء
بالنسبة للجمعيات التي تدير أنشطة المستشفيات والمدارس، أوردت المادة 73 نصاً لم أفهم المقصود منه حيث ألزمت الجمعية بتشكيل مجلس إدارة أو لجنة لإدارة تلك الأنشطة التي يتم التصديق عليها من مجلس إدارة الجمعية.
فهل معنى ذلك وجود أكثر من مجلس ادارة بالجمعية؟
ولماذا لم يكن النص فقط على إنشاء لجان داخلية؟
 
أما بخصوص الحالات التي "تقضي فيها المحكمة المختصة بحل مجلس إدارة الجمعية وإلزام الوحدة أو الوحدة الفرعية المختصة، بحسب الأحوال، خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الحكم بتعيين مجلس مؤقت من بين أعضاء الجمعية العمومية أو من غيرهم" (مادة 81) والتي يكون من ضمن اختصاصاته اتخاذ إجراءات الدعوة لجمعية عمومية لانتخاب مجلس إدارة دائم، فلم يتم تحديد موعد أقصى لهذه الدعوة لتفادي تقاعس مجلس الادارة المؤقت عن تحديد موعد لانتخابات هذا المجلس. كما لم أتبين المقصودين "بغيرهم" كأعضاء محتملين في المجلس المؤقت. ورجحت أنه يقصد "بغيرهم" من العاملين بالجهة الإدارية، وذلك قد يؤثر سلباً على أنشطة الجمعية لعدم درايتهم الكافية بهذه الأنشطة.
 
وبالنسبة لحالة عدم تعيين مجلس أمناء للمؤسسة الأهلية أو خلو مكان أو أكثر بالمجلس (مادة 102) "يصدر رئيس الوحدة المركزية بوزارة التضامن قراراً بتعيين مجلس الأمناء أو العضو الذي يحل محل العضو الذي يخلو مكانه بحسب الأحوال".
ولكن لم تذكر المادة الأسس التي يتم بمقتضاها اختيار عضو/أعضاء مجلس الأمناء لو من خارج المؤسسة وهل يتم ذلك بعد أخذ موافقة المؤسسين؟
 
مقر الجمعية
ذكر البند 2 من المادة 15 من اللائحة أن من شروط المقر أنه "لا يكون مخصصاً  لممارسة أي أنشطة أخرى بخلاف أنشطة العمل الأهلي الخاضعة لأحكام القانون واللائحة". فبالنسبة للكيانات، مثل الشركات أو بنوك أو مكاتب دراسات وأبحاث وخاضعين لقوانين أخرى، التي أنشأت إدارات للعمل الأهلي، أظن أنه يكفي أن يكون المقر غرفة أو إدارة داخل المقر الرئيسي أو إحدى الفروع.
 
المنظمات الأجنبية غير الحكومية
أضافت اللائحة شرطاً إضافياً غير مبرر في تقديري، على ذلك الوارد في القانون، على المنظمات الأجنبية غير الحكومية عند تقديمها طلب ممارسة نشاط أو أكثر من أنشطة الجمعيات والمؤسسات الأهلية الخاضعة لأحكام القانون (مادة 108).
ففي حين نص القانون على تقديم الطلب لوزارة الخارجية المصرية فقط، أضافت اللائحة إجراءً آخر وهو التصديق على المستندات والبيانات المرفقة بالطلب من السفارة المصرية في دولة المنظمة الأم.  
 
الترخيص للمنظمات الأجنبية بالعمل في مصر
لي عدة تعليقات عن مسألة الرسوم المقررة لاستخراج التصريح وتجديده:
 أولا: لا أعرف لماذا لم تتضمن اللائحة النص الهام الخاص بالرسوم المقررة لاستخراج الترخيص لأول مرة ثم تجديده. فقط تمت في المادة 111 من اللائحة الإحالة لمادة القانون 67.
ويمكن أن يكون الرد: النص موجود في القانون فليس هناك داعِ لوضعه في اللائحة. لكن بما إن اللائحة نقلت نصوص كثيرة من القانون، فأظن أن إجراء بمثل هذه الأهمية كان يجب أن يكون في اللائحة.
على أيه حال، مادة القانون ذكرت إن الحد الأقصى للرسم المفروض على المنظمة عند طلب الترخيص هو خمسين ألف جنيه أو ما يعادله بالدولار الأمريكي.
 
ثانيا: برغم اقتصارنا في هذا البحث على اللائحة التنفيذية لكن استوقفني تحديد رسم تجديد التصريح للمنظمة الأجنبية بخمسين ألف جنيه في صياغة المادة 67 من القانون: "تؤدي المنظمة عند طلب التصريح وطلب تجديده رسماً يبلغ حده الأقصى خمسين ألف جنيه أو ما يعادله بالدولار الأمريكي" ثم جاءت الفقرة الثانية لتنص على "ويزاد هذا المبلغ بما يعادل 20% عند تجديد التصريح لما لا يجاوز أربعة أمثال الحد الأقصى المنصوص عليه في هذه المادة."
فلماذا لم تنص الفقرة الأولي على رسم التصريح فقط ثم تنص الفقرة الثانية على رسم تجديد التصريح بالزيادة المئوية المقررة؟
 
ثالثا: القانون ذكر أن الوزير المختص هو الذي يحدد مدة الترخيص، وعند قراءة نصوص المواد 66 و69 من القانون وقعت في التباس بشأن المقصود بالوزير المختص، فهو وزير الخارجية وفقاً للمادة 66 ، في حين وردت بالمادة 69 بأن المنظمة تلتزم بتقديم التقارير الدورية التي تحددها الجهة الإدارية في التصريح الصادر لها.
فهل المقصود هنا وزارة الخارجية مصدرة التصريح أم وزارة التضامن كونها الجهة الادارية المختصة بأعمال المنظمات غير الحكومية وتخضع أعمالها لوزارة التضامن؟  ومن ناحية أخرى لم تذكر اللائحة معايير اختيار الوزير المختص لمدد تجديد الترخيص.  
 
التعاون مع هيئة أو منظمة أجنبية
لم تذكر المادة 32 الخاصة بإجراءات التعاون مع المنظمات الأجنبية إذا كانت المنظمة تعمل داخل أو خارج مصر، وهل هي غير حكومية مثل منظمة كير وهيئة إنقاذ الطفولة ومؤسسة فورد مصر، أو شخصية اعتبارية يمكن أن تكون حكومية مثل السفارات وهيئات التعاون الأجنبية (مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والجمعية الألمانية للتعاون الدولي وصندوق التعاون الايطالي) والمنظمات التابعة للأمم المتحدة مثل اليونسكو واليونيسيف، أو جهات خارج مصر وليس لها تمثيل رسمي. وهذه الاختلافات هامة لأنها تحدد طرق التعاون خاصة فيما يتعلق بتلقي الدعم المادي كما سيتم توضيحه لاحقاً.

وعلى أيه حال، ففي الواقع العملي غالبا ما ترفض المنظمة الأجنبية إعطاء الجمعية الترخيص القانوني لها في بلدها كمستند من المستندات الذي يجب على الجمعية تقديمها للوزارة للحصول على الترخيص، لأنها تعتبره من المستندات غير القابلة للتداول.
 
دمج الجمعيات
في حين تم ذكر دمج الجمعيات في مادتين 93 و94 ومادة دمج المؤسسات في المادة 106، لم يتم التطرق لإجراءات دمج جمعية في مؤسسة أو العكس لما لذلك من آثار قانونية على توفيق أوضاع الكيان الجديد مثل إعادة تشكيل مجلس الإدارة أو مجلس الأمناء، دمج البرامج والأنشطة، وإعادة صياغة اتفاقيات التعاون مع الجهات المانحة.
 
تخصيص أماكن إيواء
خصصت اللائحة المواد من 35 إلى 38 للجمعيات التي ترغب في تخصيص أماكن لإيواء الأطفال والمسنين والمرضى بأمراض مزمنة وغيرهم من المحتاجين إلى الرعاية الاجتماعية أو الأشخاص ذوي الإعاقة. ولكن استوقفتني الإجراءات التالية:
 أولا: المواد تشير لوجود جمعية بالفعل تقوم بالعمل الأهلي ثم قررت إضافة هذه الأنشطة بجانب أنشطتها الأساسية وفي هذه الحالة يجب الحصول على ترخيص من وزارة التضامن بعد تقديم المستندات المطلوبة كما جاء في المادة 35.
وهنا ليس واضحاً لي لماذا وجوب الحصول على ترخيص في حين أن الجمعيات والمؤسسات تُنشأ بإخطار الوزارة وليس بترخيص. وهل لو اختارت جمعية جديدة العمل في هذا المجال فقط عليها الحصول على ترخيص وليس مجرد اخطار؟

ثانيا: أن المستندات المطلوبة لإضافة هذه الانشطة للأنشطة الأساسية للجمعية/المؤسسة تعطي انطباعاُ بخلق كيان جديد داخل الكيان الموجود فعلا.
فمثلا "أسماء أعضاء مجلس إدارة المؤسسة أو الدار أو اللجنة المشرفة على الدار  والعاملين بها" تشير لوجود أعضاء مجلس إدارة المؤسسة المسؤولة عن دور الإيواء بجانب مجلس الإدارة الأساسي للجمعية/المؤسسة.
 
ثالثا: ليس واضحاُ دور اللجنة المؤقتة المنصوص عليها في المادة 36 التي من الجائز أن تتكون لإدارة النشاط وتعمل لمدة ستة أشهر وتمد لفترة مماثلة أخرى عند الضرورة: هل تتكون بعد إلغاء الترخيص بمزاولة الجمعية لهذا النشاط لإدارته بدلاً منها؟ وإذا كان الحال كذلك فهل هي كيان مستقل عن الجمعية يستهدف استمرار تقديم الخدمات للمستفيدين بعد إنهاء الترخيص للجمعية؟ ولماذا النص على أن يكون تشكيل أعضاء اللجنة من الجمعية العمومية للجمعية أو "غيرها"؟ ومن المقصود بـ"غيرها": هل هي وزارة التضامن التي تقوم بتعيين موظفيها في اللجنة؟
 
أورد هذه االتساؤلات خاصة بعد قراءة المادة 37 التي تنص على حق الجمعية في حالة عدم كفاية الموارد المخصصة في الحساب الخاص بالنشاط الذي تديره اللجنة تقديم طلب دعم مالي من صندوق دعم مشروعات الجمعيات والمؤسسات الأهلية. وهذا يعني أن اللجنة المشكلة تعمل مع الجمعية وليست مستقلة عنها أو تستبدلها.
 
وليس واضحا متى يتم إلغاء الترخيص: هل بعد تقديم الصندوق الدعم المالي للجمعية لإدارة النشاط ثم يثبت أن الجمعية غير قادرة على إدارته وفقا لتقرير تقدمه اللجنة أثناء فترة عملها (من ستة أشهر لسنة)؟ وما هو الوضع في حالة عجز الجمعية عن الاستمرار في النشاط بعد انتهاء مدة عمل اللجنة؟  
 
وقف نشاط الجمعية أو/و حلها
وقعت في ارتباك شديد عند قراءتي لمواد وقف نشاط الجمعية في القانون واللائحة ومقارنتها بتلك الخاصة بحل الجمعية أو حل مجلس إدارتها، وأدركت أن الارتباك راجع لسببن:
أولاً: مجيء المادة 74 من اللائحة خارج السياق فقد كان الأحرى أن تُدرج في الفصل الثالث: "وقف نشاط الجمعيات وحل مجالس إدارتها وحلها" وليس ضمن مواد الفصل الثاني: "أغراض الجمعيات وحقوقها والتزاماتها". 

ثانيا:جاء نص المادة نفسها مربك ففي حين أنها تتناول إجراءات حل الجمعية أو حل مجلس الإدارة أو مجلس الأمناء بحسب الأحوال لإشارتها للمخالفات التي تستوجب حل الجمعية وفقا لمادة 47 من القانون، خلطت المادة بين إجراءات وقف النشاط والحل في فقراتها المختلفة فلم أتبين إذا كانت تشير للمادة 45 من القانون التي تتناول وقف النشاط أو المادة 47 التي تنص على إجراءات حل الجمعية.

ثالثا: لم أفهم لماذا تكرر جزاء ارتكاب الجمعية لمخالفات أحكام نصوص القانون الواردة في المادة 74 في المادة 188 حيث ورد نفس نصوص البندين 1 و2 في المادة 74،  وعند مقارنة المادتين وجدت تناقضاً في مدة إمهال الجمعية لإزالة المخالفة ففي حين نصت المادة 74 على ألا تقل عن خمسة عشر يوماً جاءت المادة 188 لتنص على أن تكون المهلة خمسة عشر يوماً إن أمكن.
 
الوحدة المركزية والوحدات الفرعية
وهي الوحدة التي استحدثت وفقا للقانون لتحل محل الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات، وقد أفردت لها اللائحة المواد 118-172 أول خمس منها توضح الهدف من إنشاء الوحدة وعملها وهيكل إدارتها ومصادر تمويلها واختصاصات لجنة الموارد البشرية بها، بينما خٌصصت المواد الباقية لبيان تفاصيل دقيقة خاصة بالموارد البشرية. وقد كان أحرى أن يُخصص لذلك باب مستقل ملحق باللائحة.
 
ثانيا: النواحي المالية

مصادر تمويل الجمعية
التمويل بالنسبة للكيانات التي لا تهدف للربح هو بمثابة الهواء التي تتنفس به وغالباً ما يكون من مصادر خارجية وليس ذاتية ولذا فإن تيسير إجراءات الحصول على التمويل اللازم من الأمور الهامة جداً لبقاء الجمعية.
 ففي حين أجاز القانون قبول الأموال والمنح والهبات من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو أجنبية من خارج البلاد، أو من أشخاص طبيعية أو اعتبارية أجنبية من داخل البلاد وفسرت اللائحة المستندات المطلوبة وشروط القبول (المادتان 42 و43)، نجد أن اللائحة لم تحدد الحد الأدنى من المبالغ التي تخضع لكل هذه الإجراءات. فأعتقد أنه كان يجب التفرقة بين الأموال التي يتبرع بها أو يهبها الاشخاص الطبيعيون/الأفراد عن المنح والأموال المقدمة من جهات مانحة والأشخاص الاعتباريين، فالفئة الأولى غالبا ما تكون من شبكة معارف شخصية استطاعت الجمعية خلقها بحيث يكون الأشخاص مستعدين لتقديم يد العون للجمعية عند طلبها ذلك، وذلك بخلاف المنظمات المانحة والأشخاص الاعتباريين التي تتطلب الموافقة على منحها تقديم المستندات وفقاً للمادة 42. وفي ظني إن شرط  الإنتظار ستين يوم عمل (أي ثلاثة أشهر)، المنصوص عليه في المادة  43، للحصول على موافقة الجهة الادارية سوف يؤدي إلى إحجام الأفراد عن تقديم الدعم المادي اللازم.
 
وبالرغم من أن القانون 149 ولائحته تضمنا انفراجة عن القانون السابق رقم 70 لسنة 2017 في كون عدم اعتراض الجهة الإدارية خلال هذه المدة يعتبر ذلك موافقة منها، في حين كان القانون 70 ينص على عكس ذلك، إلا أنه في حالة الاعتراض كان يجب أن يكون مسبباً وأن يُتاح للجمعية الرد على الاعتراض خلال مدة زمنية محددة.
 
حق الجمعية في تلقي الأموال
بما أن وسائل تمويل الجمعيات من الأمور التي تتوقف عليها بقاءها فقد استوقفتني مسألة في غاية الأهمية وهي الفرق بين حق الجمعية في تلقي الأموال من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو منظمات أجنبية غير حكومية مصرح لها بالعمل داخل مصر (مادة 41)، وحقها في تقبل وتلقي الأموال والمنح والهبات من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو أجنبية من خارج البلاد، أو من أشخاص طبيعية أو اعتبارية أجنبية من داخل البلاد (مادة 42).

ففي المادتين تقوم الجمعية بإخطار وزارة التضامن بتلقي الأموال ولكن المادة التي تلتهما (مادة 43) نصت على حق الوزارة في الاعتراض على قبول أو تلقى الأموال من الجهات المانحة خلال ستين يوم عمل تُحسب من تاريخ ورود الإخطار. فهل المقصود بهذه الجهات تلك المذكورة في المادة 42 فقط أو المادة 41 أيضاُ؟
فإذا كان مقصودا المادتان، فمعنى ذلك إن الإخطار انقلب لترخيص بسبب إعطاء الوزارة حق الاعتراض على تلقي الجمعية للأموال.
أما إذا كان المقصود بالجهات المذكورة في المادة السابقة لها فقط (المادة 42) فمعنى ذلك أن الأموال الممنوحة من الجهات المذكورة في المادة 41 سيتم تلقيها بالإخطار فقط. ولمنع هذا اللبس كنت أفضل ذكر ما هي الجهات المقصودة في المادة 43.
 
وبخصوص حق اعتراض الجهة الإدارية فبالرغم من كون عدم اعتراضها خلال مدة الستين يوما يُعتبر موافقة منها، إلا أنه في حالة الاعتراض كان يجب تسبيبه لكي يتسنى للجمعية معرفة وجه الاعتراض وإتاحة الفرصة لها بالرد خلال مدة زمنية محددة.
 
حق الجمعية في تلقي أموال عينية
أما بالنسبة لحق الجمعية في تلقي أموال عينية من مصريين أو أجانب خارج مصر أو من أجانب من داخل مصر (مادة 47)، فقد اشترطت المادة وضع المستلزمات والأجهزة أو خلافه في مخازن الجمعية لمدة يمكن أن تصل لـ90 يوما عمل أو خمسة أشهر، منها مدة أقصاها 30 يوما لتقديم الطلب للوزارة للموافقة على تلقي الجمعية لهذه الأموال، ومدة أقصاها 60 يوم عمل للبت في الطلب من الوزارة والجهات المعنية (الأمنية).
وفي حين أنه يمكن للجمعية اختصار الـ30 يوما عمل لتقديم الطلب، سيظل عليها الانتظار مدة الـ60 يوما التالية لرد الوزارة على الطلب.
فإذا لم ترد الوزارة خلال هذه المدة تعتبر موافقة ويُفرج عن الأموال العينية، ويخشى أن تتلف هذه المستلزمات من وجودها بالمخازن لهذه المدة الطويلة. كما يسري نفس التحفظ الذي ذكرته في حالة الأموال النقدية على حق الجمعية في الرد على اعتراض الوزارة.
 
الفرق بين جمع التبرعات وجمع المال
لم أتبين الفارق بين جمع التبرعات وجمع المال حتى بعد قراءة المواد الخاصة بكليهما عدة مرات.
ففي حين تتناول المواد 50 و51 إجراءات جمع التبرعات، وجدت أن المواد 52-55 تتحدث عن جمع المال ثم تناولت المادة 56 استكمال إجراءات جمع تبرعات ثم مرة ثانية الرجوع إلى جمع المال في المواد من 57-62. فلا أعرف للآن الإجراءات الإدارية التي من المفترض على الجمعية اتباعها.
 
جمع التبرعات
وبالنسبة لجمع التبرعات من داخل مصر من أشخاص طبيعية أو اعتبارية مصرية أو أجنبية مرخص لها بالعمل داخل مصر، فبالرغم من ورود أمثلة على وسائل جمع التبرعات على سبيل المثال وليس الحصر في المادة 50 إذ ذكر في نهاية المادة "أو أي وسيلة أخرى يمكن إضافتها بقرار من الوزير المختص"، إلا أن التبرعات من خلال مكاتب البريد هي من أكثر الوسائل التي يستخدمها الكثيرين خاصة في المحافظات وكنت آمل أن تُفرد لها اللائحة مادة مستقلة مفصلة للإجراءات المطلوبة مثلها مثل التبرع عن طريق الحفلات والأسواق الخيرية والبنوك والرسائل القصيرة أو شركات التحصيل.
 وقد استوقفني شرط لم أتبين سبب وضعه في حالة جمع التبرعات عن طريق الحفلات، فقد حظرت اللائحة على الجهة طالبة الترخيص بجمع التبرعات التعاقد من الباطن مع أي شخص أو جهة لإقامة الحفل نيابة عنها (مادة 52). وفي تقديري أن كان يجب توضيح الفرق بين جهة تقيم الحفل بالنيابة عن الجمعية وجهة تنظم الحفل بالنيابة عنها وتكون غالباً شركة متخصصة في تنظيم الحفلات.
فإذا كان المقصود هو الأول، فما الضرر من قيام شخص أو جهة بحفل ويُعلن أن عائده يذهب إلى دعم الجمعية؟
وإذا كان المقصود هو المعنى الثاني فلماذا هذا القيد، فغالبا ما يتم هذا الاتفاق مع شخص أو جهة متخصصة في تنظيم الحفلات بصورة تطوعية أو بأجر رمزي، لأنهم أكثر خبرة في هذا المجال.
 
كما لم أفهم البند 15 من نفس المادة الذي نص على أنه "يجب على الجهة المرخص لها إيداع الأموال المحصلة أولاً بأول بحسابها الجاري بالبنك ويُفرد حساب خاص في سجلاتها." فما معنى "اولاً بأول"؟  أليس إيداع الإيرادات يتم عند انتهاء كل حفلة إذا قررت الجمعية إقامة أكثر من حفلة؟
 
تراخيص جمع المال
واستوقفني أيضا شرط لمنح تراخيص جمع المال عن طريق الأسواق الخيرية والمعارض وهو تحصيل أثمان السلع المباعة عن طريق ماكينات نقاط البيع الإلكترونية POS (مادة 53)، فلماذا لا يكون أيضا بموجب إيصالات من أصل وصورة مرقمة بأرقام مسلسلة وموضحاً عليها رقم الترخيص وتاريخه؟
كما عجزت عن فهم شرط أنه "في حالة اشتراك أكثر من جمعية أو مؤسسة أهلية للمعاونة في الجمع لا يجوز أن يزيد نصيبها من الجمع على 50% مما جمعته بعد استبعاد المصروفات الإدارية".
فإذا كانت منتجات جمعية ما حققت مبيعات أكثر من مبيعات مثيلاتها المشاركات في المعرض، لماذا هذا السقف 50%؟
 
موارد الوحدة
أما بخصوص الوحدة المركزية والوحدات الفرعية، فقد نصت المادة 119 بند 3 على أن من ضمن موارد الوحدة "المقابل الذي تحصله من الجمعيات والاتحادات والمؤسسات الأهلية والمنظمات الأجنبية غير الحكومية لقاء ما تؤديه من خدمات يصدر بها قرار من الوزير المختص بحد أقصى خمسة آلاف جنيه."
هذا البند يعني أن كيانات المجتمع الأهلي هي التي يقع عليها عبء دفع هذا المقابل في حين أن المادة 76 من القانون تنص على أنه "لا يجوز للوحدة تلقي دعم مالي من مؤسسات المجتمع المدني التي تشرف عليها."
فهل كان يجب توضيح الفرق بين الدعم المالي من المؤسسات للوحدة والخدمات المقدمة من الوحدة للمؤسسات؟
أم كان يجب الإشارة في اللائحة إلى مادة القانون بالنص على "بدون مخالفة المادة 76 من القانون"؟
 
وأيضا لم يتضح، في نفس المادة بند 4، من الذي يقع عليه عبء مقابل "ما تقدمه الوحدة من خبرات في مجال الدراسات المالية أو الفنية أو القانونية وإنشاء الهياكل الإدارية واقتراح النظم التشريعية وإعداد البرامج التدريبية للعاملين والقائمين على مؤسسات العمل الأهلي والمتطوعين".. هل هذا المقابل من مخصصات الموازنة العامة؟
 
صندوق دعم الجمعيات
وفي تقديم الدعم للجمعيات، فقد نصت المادة 173 في باب صندوق دعم الجمعيات، على تقديم الدعم للجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات والنهوض بمستواها وتقديم المعونة الفنية والمالية والإدارية لها.
ولم توضح المادة المعايير التي يتم بموجبها تقديم هذا الدعم. وكنت قد اقترحت عند صدور القانون الحالي أن تضع اللائحة التنفيذية معايير وشروط تقديم الدعم للجمعيات، وتوضيح هل سيكون الدعم بناءً على التقييمات الدورية التي تقوم بها الوزارة على الجمعيات، بمعنى أنه لو مثلا كانت توجد شهادة تطبيق معايير الجودة مثل شهادة الأيزو ISO التي تشير إلى أن الجمعية "س" التزمت بكل أو بعض معايير الجودة، يكون تقديم الدعم المادي لها من الصندوق متناسباً مع مدى التزامها بهذه المعايير؟
في اعتقادي أن هذا سيكون حافزاً للعاملين بالجمعية لتحسين الأداء والنهوض بالجمعية، وأيضا ستُستخدم شهادة الجودة تلك كشهادة ثقة للجهات المانحة وتُعلن الوزارة بصفة دورية عن الجمعيات الحاصلة على هذه الشهادة وأوجه القوة والضعف بها لتسهيل المهمة الشاقة على الجمعيات في إيجاد تمويل سواء من منظمات محلية أو أجنبية أو شركات لديها إدارات المسؤولية المجتمعية.