القضاء الإداري يوقف انتخابات اتحاد كتاب مصر منعا لتفشي فيروس كورونا

الثلاثاء 18 أغسطس 2020

 

قضت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري، الثلاثاء، بوقف تنفيذ قرار النقيب العام لاتحاد كتاب مصر الصادر بتاريخ ٨ أبريل الماضي بالدعوة لعقد جمعيتين عموميتين للاتحاد بتاريخي ٢١ و ٢٨ أغسطس الجاري لانتخاب مجلس إدارة جديد، وذلك منعاً لتفشي فيروس كورونا.

صدر الحكم برئاسة المستشار فتحي توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين حامد محمود المورالي وأحمد جلال زكي نائبي رئيس مجلس الدولة.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الحياة الإنسانية هي أغلى ما يمكن للحكومات والدول والمجتمعات والمؤسسات المحافظة عليها، فحفظ النفس يعد أولى مقاصد الشريعة الإسلامية وسابقا علي حفظ الدين، مؤكدة أنه بغير حياة الإنسان لا تقوم الدنيا، ومن أحيا نفسا كأنما أحيا الناس جميعا.

وأوضحت المحكمة أنه في إطار مسئوليات الدولة بالحفاظ على صحة المواطن وحياته فقد قامت بكافة الإجراءات التي سايرت توصيات منظمة الصحة العالمية وكذلك المؤسسات الصحية الوطنية لمواجهة (حالة الطوارئ الصحية) وصدر استنادا لها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 606 لسنة 2020 المشار إليه، وما تلاه من قرارات، بما يفيد حظر التجمعات البشرية لأي سبب من الأسباب.

وتابعت المحكمة: "ومن ثم تكون الحالة الواقعية التي صدر القرار استنادا إليها متحققة وواقعة، وتعد حالة ضرورة في تكييفها القانوني الصحيح، تستوجب اتخاذ إجراءات وتدابير خاصة لمواجهتها، مما يكون معه قرار رئيس مجلس الوزراء قد قام على سببه الصحيح من الواقع."

كما استعرضت المحكمة قرارات رئيس مجلس الوزراء المتتالية بشأن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا، وانتهت إلى أن قرار رئيس مجلس الوزراء الأخير لم يتضمن إلغاء للقرار السابق وإنما يهدف إلى تنظيم سير بعض المرافق الاقتصادية في ظل الجائحة العالمية ـ التي مازالت آثارها الخطيرة مستمرة ـ مع الالتزام بعدم السماح بأية تجمعات للأفراد يترتب عليها خطر داهم على الصحة العامة للمواطنين.

وأكدت المحكمة أنه ولئن كانت الحياة الديمقراطية السليمة توجب إجراء انتخابات نقابة اتحاد الكتاب في موعدها القانوني إلا أنه كما سبق البيان فإن صحة وحياة المواطن لا يعادلها مقصد آخر، وكانت ممارسة تلك الحقوق تقتضي التجمع البشري في جمعية عمومية واحدة، وهو ما قد ينتج عنه ضررا أو تهديدا للصحة العامة، ليس فقط لصحة الأفراد المنضمين للاجتماع، وإنما لسائر أفراد المجتمع، بطريق العدوى لذلك الفيروس الذي أكدت جميع المنظمات الصحية انتقاله بطريق الاختلاط، فمن ثم يترتب على ذلك مساسا بالنظام العام، والصحة العامة التي توجب علي الدولة التدخل لمنع ذلك الضرر.

وأوضحت المحكمة أن الأثر المترتب على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 606 لسنة 2020 بوقف الفعاليات يشمل المعارض والمهرجانات، هو تأجيل الجمعية العمومية لانتخابات اتحاد الكتاب التي كان مقررا لانعقادها مارس 2020، وهذا الأثر نافذا بذاته دون حاجة إلى صدور قرار من النقابة المدعي عليها، ويبقى ذلك الأثر إلى حين: إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء أو تعديله، أو زوال الحالة التي صدر استنادا إليها، والتي تمثل الحالة الواقعية التي كانت سببا لذلك القرار.

وردا على ما أثير أمام المحكمة بشان إجراء الحكومة المصرية لامتحانات الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات والسنوات النهائية بالكليات المصرية، خلال شهري يونيو ويوليو 2020، وانتخابات مجلس الشورى في شهر أغسطس 2020، بالرغم من صدور قرارات رئيس مجلس الوزراء المشار إليها، وكذلك وجود جائحة كورونا، قالت المحكمة إنه من الأصول أن الضرورة تقدر بقدرها، ويتعين التناسب بين الأضرار والمصالح المترتبة على الإجراء، ولذلك فإن السلطات قامت بإعداد وسائل مختلفة لتقييم الطلاب من مختلف مراحل التعليم الأساسي والجامعي دون التجمع لإجراء الامتحانات، سواء من ناحية التقييم عن بعد عن طريق التعليم الإلكتروني (E-Learning) أو التقييم عن طريق الأبحاث، تجنبا للأضرار المحتملة التي قد تنتج عن تجمع الطلاب.

وأضافت المحكمة: "غير أن الضرورة اقتضت إجراء الامتحانات بالمدارس للصف الثالث الثانوي وما في مستواه والسنوات النهائية بالتعليم الجامعي، مما حدا بالوزارات المختصة اتخاذ تدابير وقائية وحمائية متعددة، تضافرت جهود مختلف قطاعات الدولة لاسيما وزارة الصحة على هذه الإجراءات، وعقدت اجتماعات ترأسها رئيس الدولة لبحث السبل الكفيلة بمنع العدوى من فيرس كورونا المستجد".

واستطردت المحكمة: "وهي ذات الإجراءات التي قامت بها الدولة لتنفيذ استحقاق دستوري يقتضي استكمال مؤسسات الدولة التشريعية، ولاريب في أن التأخير في تنفيذ هذه الامتحانات والالتزامات الدستورية كان سيترتب عليها نتائج يصعب تداركها مستقبلا، مما يرخص لها القيام بتلك الإجراءات".

وتابعت المحكمة: "أما ممارسة الحقوق النقابية التي تقتضي الاجتماع في أعداد كبيرة لاختيار أعضاء مجلس الإدارة أو مناقشة الميزانية وغير ذلك من الأمور، فإن إرجائها إلي مدى غير بعيد لا يترتب عليه نتائج خطيرة، لا سيما أن للنقابة مجلس منتخب يدير شئونها ويسير أمور أعضائها، وتكون الأضرار المحتملة الناتجة عن ذلك التجمع لا تتناسب البتة مع المصلحة المقررة، مع تقدير المحكمة أن مدة التأخير في انتخاب مجلس إدارة جديد لم تتسع للمدى الزمني الذي يمكن معه التقرير بأن ثمة منع أو حرمان للأعضاء من ممارسة حقهم الدستوري".

وأهابت المحكمة بمجلس الوزراء الإعلان في أسرع وقت عن التدابير الوقائية التي يتعين على النقابات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني اتخاذها لممارسة الحقوق الدستورية المقررة والتي تقتضي التجمع، ووضع آليات مراقبتها، والشروط اللازمة لها، حتى لا تتخذ حالة الضرورة كمسوغ لتعطيل ممارسة الحقوق الديمقراطية والسياسية.