مبدأ قضائي جديد يعتبر جرائم التجمهر مخلة بالشرف ويؤيد فصل الموظف المُدان بارتكابها قانونيا

الثلاثاء 2 يونيو 2020

 

 

أقرت محكمة النقض برئاسة المستشار عاطف الأعصر، مبدأ قضائيًا جديدًا باعتبار جريمة التجمهر من الجرائم المخلة بالشرف، وفصل الموظف بناء على صدور حكم جنائي نهائي بارتكابها يتفق مع صحيح القانون، حتى ولو بُرئ هذا الموظف من ارتكابها في درجات التقاضي اللاحقة.

وقضت محكمة النقض، بناءً على هذا المبدأ الجديد الصادر فى الطعن رقم 2575 لسنة 88 قضائية، بتأييد فصل موظف عن عمله كمدير إدارة بشركة الإسكندرية للبترول، بعد صدور حكم جنائي بحبسه في قضية تجمهر واستعراض قوة، مؤكدة أنه رغم عدم وضع القانون تعريف محدد جامع مانع لمفهوم الجريمة المخلة بالشرف، إلا أن جرائم "التجمهر، استعراض القوة، وقطع الطريق، وإطلاق النار، وسفك الدماء"، تمثل تعطيلا لأحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والإضرار بالسلم الاجتماعي، كما تُعد جرائم مخلة بالشرف.

تعود تفاصيل الواقعة عندما فصلت شركة الإسكندرية للبترول، موظفا يعمل لديها منذ عام 1984، وذلك بداية من 24 مارس 2014 بعد إيقافه عن العمل لحبسه في قضية تجمهر واستعراض قوة ثم صدور حكم بإدانته.

وبعد حصول الموظف على البراءة في إعادة محاكمته لاحقا أقام دعوى تعويض ضد الشركة، لتقضي محكمة أول درجة برفض الدعوى استنادًا إلى أن سلامة قرار الفصل من عدمه يرجع إلى وقت صدوره، فاستأنف الموظف على الحكم.

غير أنه في 5 ديسمبر 2017، قضت محكمة الاستئناف بإلغائه وألزمت الشركة بتعويضه بمبلغ 300 ألف جنيه نظير ما اعتبرته فصلا تعسفياً، وهو ما لم يلق قبول الشركة فطعنت على الحكم أمام النقض، التي قضت في حكمها النهائي البات الذي أقرته مبدأ قضائيًا بإلغاء حكم التعويض، وحكمت بتأييد حكم أول درجة الصادر بفصل الموظف عن العمل.

ذكرت النقض في حيثيات حكمها الصادر من الدائرة العمالية برئاسة المستشار عاطف الأعصر، أن ما نُسِب إلى الموظف "المفصول" من تهم "التجمهر، استعراض القوة، قطع الطريق، إطلاق النار وسفك الدماء" يُعد خيانة للوطن، وخروجا من العامل عن المسلك اللائق للحفاظ على كرامة العمل، مشددة على أنه بذلك يكون قد ارتكب جريمة مخلة بالشرف.

وأضافت النقض، في حكمها الصادر في 16 أبريل 2019 وحصلت "الشروق" على تفاصيله، أن المتهم لم يعد صالحا للبقاء في عمله بالشركة، بحسبان أنه قد صدر بحقه حكم بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، فضلاً عن فقدانه شرط حسن السمعة اللازم للتعيين والاستمرار في الوظيفة.

وتابعت النقض أن استمرار المتهم في عمله بعدما ألحقت به تلك التهم المسيئة للسمعة والماسة بالشرف، يتعارض مع طبيعة عمله بالشركة؛ لأنه اقترف من الجرائم ما يسيء إليه وإلى الجهة التي يعمل بها، منحرفاً بسلوكه عن الخلق القويم الواجب التحلي به، -وهو ما يفقده الثقة والاعتبار المفترضين في أداء الواجب المنوط به، ومن ثمَّ كان حتماً مقضياً على جهة عمله إنهاء خدمته بعد ما نسب إليه من جرائم تحط من قدر مرتكبها، وتتنافى ومقتضيات وظيفته، ومن ثمَّ يضحى قرار فصله من العمل متفقاً وصحيح حكم القانون.

 

وأشارت محكمة النقض إلى أنه لا ينال من فصل الموظف حصوله في إعادة محاكمته فيما بعد على البراءة فى قضية التجمهر، قائلة إن ذلك لا يؤثرعلى صحة وسلامة قرار إنهاء خدمته وقت صدوره، لما هو مقرر من أن العبرة في سلامة قرار إنهاء الخدمة وما إذا كان صاحب العمل قد تعسف في ذلك من عدمه هي بالظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت صدوره لا بعده.

وقالت إن ما نسب إلى الموظف من جرائم يُعد من الجرائم المخلة بالشرف لما لها من خطورة على أمن البلاد والعباد والاقتصاد القومي.

وأكدت أن قرار إنهاء خدمته لهذا السبب لا يكون مخالفاً للقانون، ولا يستوجب التعويض الذي قضى به حكم الاستئناف وهو ما يستتبع القضاء بإلغائه.

في جانب آخر، قالت النقض إن قرار رئيس مجلس إدارة الشركة بإنهاء خدمة الموظف لما مثله مسلكه من خطورة على أمن الشركة، ينفى عنها شبهة أي خطأ يوجب التعويض، وهو ما يعيب حكم محكمة الاستئناف الصادر بتعويضه بما يستوجب إلغائه.

وذكرت النقض أن الشركة التي كان يعمل بها الموظف هي إحدى شركات القطاع العام للبترول التابعة لإشراف الهيئة المصرية العامة للبترول، ويختص مجلس إدارتها بوضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بها وإصدار القرارات اللازمة، لحسن تسيير أعمالها وتحقيق أهدافها وتصريف أمورها المالية والإدارية والفنية، مسترشداً في ذلك بلائحة الهيئة المصرية العامة للبترول الصادرة نفاذاً لأحكام القانون رقم 20 لسنة 1976 في شأن الهيئة المصرية العامة للبترول والتي تطبق على جميع العاملين في قطاع البترول.

ولفتت إلى أن المادتين 110، 122 من القانون نظمتا مسئولية العامل التأديبية، وكيفية وقفه عن العمل، وأسباب إنهاء خدمته.

وأشارت إلى أن مفاد المادتين أن لصاحب العمل أن يوقف العامل الذي يُحبس احتياطيا، كما أن له إنهاء خدمته إذا حُكم عليه بعقوبة جناية أياً كانت طبيعة هذه الجناية؛ لما لها من خطورة على أمن المجتمع، أو إذا حُكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.

وتابعت أن اللائحة بلجنة شئون العاملين والتي تتكون من كبار العاملين بالشركة وممثل عن العمال، أناطت بها أن تقرر بقرار مسبب منها ومن واقع أسباب الحكم الجنائي، أن بقاء العامل في الخدمة يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل، موضحة أن قرار إنهاء خدمة الموظف جاء متفقا مع صحيح القانون.