فتوى قضائية: قانون الحد الأقصى للأجور لا يسري على أعضاء هيئة قضايا الدولة

الاثنين 17 فبراير 2020

 

أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع برئاسة المستشار يسري الشيخ، النائب الاول لرئيس مجلس الدولة، فتوى قضائية انتهت فيها إلى عدم خضوع أعضاء هيئة قضايا الدولة لأحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للأجور.

صدرت الفتوى رداً على طلب مقدم للجمعية من الدكتور محمد معيط وزير المالية، ذكر فيه أن أحد مستشاري الهيئة تم ندبه كمستشار بوزارة الخارجية لمدة عام، وتصرف له مكافأة في حدود الحد الأقصى للأجور المقرر بموجب القانون بمبلغ مقداره 42 ألف جنيهاً مع استبعاد المبالغ التي تزيد عن ذلك، وقد أثير التساؤل حول مدى خضوعه لأحكام القانون المذكور، ومدى جواز أن تطبق بشأنه الفتوى الصادرة في مارس 2015 والمنتهية إلى عدم خضوع القضاة وأعضاء النيابة العامة إلى قانون الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة.

وذكرت الفتوى أن هيئة قضايا الدولة من الهيئات القضائية التي تمثل فرعاً من فروع السلطة القضائية وتتمتع بالاستقلال، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتصلة بها قبل إصدارها، كما أن لأعضائها ذات الحقوق والضمانات المقررة لأعضاء السلطة القضائية، مضيفة أن للهيئة مجلساً أعلى يدير شئونها، ويختص بنظر كل ما يتعلق بأعضائها، ومن ذلك ندبهم للقيام بأعمال قانونية أو فنية غير أعمالهم أو بالإضافة إليها، على ألا تزيد مدة ندبهم لغير أعمالهم على ثلاث سنوات، وبما لا يخل بحسن سير العمل بالهيئة.

وأوضحت الفتوى أن علاقة المستشار القانوني بالجهة المنتدب إليها لا تدخل تحت وصف العلاقة اللائحية أو العقدية فهو لا يُندب لشغل وظيفة في الهيكل التنظيمي للجهة، وإنما هي علاقة خاصة ومؤقتة يؤدي مقتضاها القاضي أو المستشار أعمال الخبرة القانونية ويظل فيها تابعاً لجهته الأصلية التي تحدد بداية ونهاية ندبه، وليس للجهة المنتدب إليها سلطة توقيع الجزاء عليه، الأمر الذي من شأنه انتفاء مقومات التبعية القانونية لهذه الجهات، ومن ثم فهو لا يعد من العاملين بها.

وشددت الفتوى على أن أحكام قانون الحد الأقصى للدخول لا تنطبق إلا على العاملين بأجر لدى السلطة التنفيذية، مؤكدة أن أعضاء الجهات والهيئات القضائية لا يمكن اعتبارهم بأي حال من الأحوال من العاملين لدى أجهزة الدولة ولا من العاملين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين وكادرات خاصة؛ نظراً لأن رئيس الجمهورية هو ررئيس السلطة التنفيذية وليس رئيسا لكل السلطات في الدولة فهو لا يمثل السلطة القضائية، وما كونه رئيساً للدولة سوى لتمثيلها في علاقتها بالغير دون أن يتعدى ذلك إلى تمثيل السلطتين القضائية والتشريعية.

وتابعت الفتوى أن الدستور الحالي لم يجعل رئيس الجمهورية ممثلاً لهذه السلطات، ولم يجعله حكماً بينها، ومن ثم فلا يعقل أن يحدد الحد الأدنى استناداً إلى ما يتقاضاه أقل أفراد السلطة التنفيذية ويحدد الحد الأقصى استناداً إلى ما يتقاضاه أعلى أفراد السلطة –رئيس الجمهورية- ويزعم البعض أن القرار بقانون حينما أورد عبارة العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة قد قصد إخضاع أعضاء السلطة القضائية لأحكامه، فلا يصح أن يساوي بين مختلفين (السلطة القضائية والسلطة التنفيذية) باعتبار أنهما مقيس ومقيس عليها، حال كون كل منهما يختلف في الطبيعة والتكييف القانوني الصحيح اختلافاً يتنافر مع إعمال حكم القياس.

وأوضحت الفتوى أنه لا يجوز التذرع بسلطة المشرع في إخضاع السلطة القضائية للحد الأقصى للأجور حتى ولو لم تكن عبارة «أجهزة الدولة» تتسع لتشملهم استناداً إلى قواعد الدستور المتعلقة بالتزام الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع ولتحقيق المساواة مع العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، حيث إن هذا الزعم مردود عليه بأن الالتزام الذي تفضه هذه المبادئ الدستورية لا يعني بحال من الاحوال خروج المشرع عن القيود التي تضمنتها مبادئ الدستور الأخرى ومنها استقلال السلطة القضائية.