إلزام الحكومة برد 1.5 مليون جنيه لورثة موظف أجرى عملية زرع كبد بالصين

الأحد 24 فبراير 2019

 

أرست الدائرة العاشرة بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار الدكتور محمد ماهر أبوالعينين، مبدأ قضائياً جديداً، مفاده أن هيئة التأمين الصحي ملتزمة بالعلاج الكامل للموظف بدون حد أقصى للتكلفة، وأنه لا يجوز وضع حد أقصى موحد يصرف لكل الحالات طالبه العلاج؛ بالنظر لاختلاف تكلفة العلاج من حالة لأخرى. 

وبناء على هذا المبدأ؛ قضت المحكمة بإلزام هيئة التأمين الصحي برد مبلغ مالي مقداره 90 ألف دولار أمريكي- ما يعادل نحو 1.5 مليون جنيه مصري- لورثة موظف سابق بالوحدة المحلية لمركز إطسا بالفيوم، قيمة عملية جراحية لزراعة الكبد أجراها بالصين.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الثابت من الأوراق أن الموظف كان من المؤمن عليهم المنتفعين بأحكام القانون رقم 79 لسنة 1975م بشأن التأمين الاجتماعي، وأصيب بتليف متقدم بالكبد ناتج عن فيروس (سي) مع وجود أورام بالكبد وجلطة بالوريد البابي مع ارتفاع نسبة الصفراء بالدم ونقص مادة الزلال مع وجود استسقاء بالبطن، وقرر الأطباء المعالجين له بمصر ضرورة إجراء جراحة عاجلة لعملية زرع كبد فى أقرب وقت.

وأضافت المحكمة أنه لجأ لوزارة الصحة للمساهمة فى علاجه على نفقة الدولة خارج البلاد بحسبان أن حالته المرضية تستدعى إجراء جراحة عاجلة لزرع كبد له كامل، إلا أنه لم يتم الرد عليه ولم يتم إحالته إلى اللجان الطبية المتخصصة بوزارة الصحة لتقرير علاجه على نفقة الدولة، وفي مقابل ذلك وخوفاً من تدهور حالته الصحية فقد قام بالسفر للخارج (الصين ) وأجرى عملية زرع الكبد على نفقته الخاصة، وذلك بتكلفة 90 ألف دولار أمريكي - وذلك على النحو الثابت - بالتقرير الطبي الصادر عن المستشفى التي أجرت له العملية بدولة الصين والمعتمد رسميا من السفارة المصرية ببكين بتاريخ 14 فبراير 2007.

وأوضحت المحكمة أنه عقب إجراء ذلك الموظف للعملية وعودته من الصين، جرى عرضه على اللجان الطبية المتخصصة، والتي قررت عدم الموافقة على المساهمة في تكاليف العملية بدون إبداء أسباب.
وأكدت المحكمة أن الرفض صدر باطلا، متجاوزا لاختصاص تلك اللجان المحدد بقرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 فى شأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة، وذلك بفحص الحالة الصحية لطالبي العلاج فى الخارج وكتابه تقرير بذلك وتوصياتها عنهم، كما لها أن توصى بعلاج المريض فى الخارج إذا لم يتوافر إمكانياته فى الداخل واقتضت حالته ذلك.

وشددت المحكمة على أنه وفقاً لما سبق فإن اختصاص تلك اللجان لا يشمل الموافقة على أو رفض المساهمة في تكاليف إجراء العمليات الجراحية بالخارج، حيث كان يجب عليها كتابه تقرير عن الحالة الصحية للموظف بعد الكشف عليه وبيان ما إذا كانت عملية زرع الكبد التي أجراها قبل العرض عليها كانت ضرورية لعدم تدهور حالته الصحية، ومدى توافر إجراء هذه العملية في المستشفيات الطبية في مصر من عدمه، إلا أنها لم تقم بذلك.

وفي حيثيات إلزام الهيئة برد كامل تكاليف العملية لورثة الموظف – وليس المساهمة بجزء منها فقط – قالت المحكمة إن الأصل هو انتفاع المؤمن عليهم بجميع أنواع التأمين المقررة بقانون التأمين الاجتماعي، مستطردة « فإذا أجرى للعامل عملية جراحية أثناء سريان أحكام التأمين ضد المرض بشأنه، فإنه يحق لهذا له الانتفاع بأحكام هذا التأمين»؛ لذلك تلزم الهيئة العامة للتأمين الصحي برد نفقات علاج هؤلاء العاملين وفقاً لأحكام القانون المشار إليه.

وأكدت المحكمة أنه إذا استحق المريض أن تتحمل الدولة كامل نفقات علاجه – كما فى حالة هذا الموظف- فإن تحمل الحكومة لجزء من تلك النفقات لا يعفيها من التزامها بأن تؤدى إليه باقي نفقات العلاج التي تكبدها بالفعل إذا طالبها بها "فالوفاء الجزئي بالالتزام لا يقوم مقام الوفاء الكامل به ولا يغنى عنه".