"الدستورية" تبطل تحصيل الرسوم القضائية دون صدور حكم نهائي

السبت 2 ديسمبر 2017

 

قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية فرض رسوم المنازعة القضائية على من لم يصدر ضده حكم نهائي، وأبطلت بذلك عجز الفقرة الثانية من المادة (15) من القانون رقم 91 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1995 بشأن الرسوم القضائية، فيما نص عليه من أنه "ولا يحول الاستئناف دون تحصيل هذه الرسوم".

 

وكانت هذه المادة تنص على أن "يلزم المدعى بأداء الرسوم المستحقة عند تقديم صحيفة دعواه الى قلم الكتاب كما يلزم بأداء مايستحق عنها من رسوم أثناء نظرها وحتى تاريخ قفل باب المرافعة فيها. وتصبح الرسوم التزاما على الطرف الذى ألزمة الحكم بمصروفات الدعوى، وتتم تسويتها على هذا الأساس ولا يحول الاستئناف دون تحصيل هذه الرسوم".

 

وقالت المحكمة في حيثياتها إن الأصل فى الخصومة القضائية ألا تكون نفقاتها عبئًا إلا على من صار ملزمًا بها بمقتضى حكم نهائى، لأن الحقوق المتنازع عليها يظل أمرها قلقًا قبل الفصل نهائيًّا فى الخصومة القضائية، فإذا صار الحكم الصادر بشأنها نهائيًّا، غدا حائزًا لقوة الأمر المقضى، مؤكدًا للحقيقة الراجحة التى قام عليها والتى لا تجوز المماراة فيها، منطويًا على قاعدة موضوعية لا تجوز معارضتها بعلتها ولا نقضها ولو بالإقرار أو اليمين، لازمًا تنفيذه إعمالاً لمبدأ الخضوع للقانون، فلا يجوز تعديل الحقوق التى قررها ولا الآثار التى رتبها، ما ظل هذا الحكم قائمًا، بل إن الامتناع عن تنفيذه من قبل الموظفين العموميين المكلفين بذلك، يعد جريمة معاقبًا عليها وفقًا لأحكام الدستور.

 

وذكرت المحكمة أن الدستور حرص فى المادة (4) على توكيل العدل باعتباره أساسًا لبناء المجتمع، وصيانة وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعلت المادة (27) منه العدالة الاجتماعية أحد أهداف النظام الاقتصادى للدولة، وألزمت الدولة بمراعاة إقامة نظام ضريبى عادل، وفى هذا الإطار حرصت المادة (38) من الدستور على كفالة تحقيق العدالة الاجتماعية باعتبارها أحد أهداف النظام الضريبى وغيره من التكاليف العامة، ليضحى العدل محددًا من منظور اجتماعى أساسًا لها، لا يقتصر على شكل دون آخر من الأعباء المالية التى تفرضها الدولة على مواطنيها، بل تكون ضرائبها ورسومها سواء فى تقيدها بمفهوم العدل محددًا على ضوء القيم التى ارتضتها الجماعة وفق ما تراه حقًا وإنصافًا؛ وكانت الخصومة القضائية هى الإطار الوحيد لاقتضاء الحقوق التى ماطل المدين بها فى أدائها؛ وكان النزاع الموضوعى فى شأن هذه الحقوق لا يحسم بغير الحكم النهائى الصادر فى هذه الخصومة ، فإن مصروفاتها يتعين أن ترتبط بما انتهى إليه من قضاء.

 

وردت المحكمة على القول بأن الرسوم القضائية التى يستوفيها قلم كتاب المحكمة بعد الفصل ابتدائيًا فى الخصومة القضائية، إنما يعاد تسويتها على ضوء الحكم النهائى الصادر فيها، موضحة أن "المرحلة الاستئنافية قد تمتد زمنًا طويلاً، فلا يكون من خسر دعواه بحكم ابتدائى إلا غارمًا لمصروفاتها ولو كان بقاء أو زوال هذا الحكم ما فتئ معلقًا، فلا تتصل يده بالتالى بالأموال التى دفعها، بل تظل منحسرة عنها دون حق، يناضل من أجل استعادتها حتى بعد صدور الحكم النهائى لمصلحته".

 

وذكرت أن تلك مخاطر لا يجوز التهوين منها، لاتصالها بمراكز مالية ينبغى صونها، وبحقوق قد يكون ملتزمًا بأدائها لغيره، وكذلك بفرص العمل وبقواه فى مجال الاستثمار، ولا يعتبر ذلك إنصافًا فى مجال تطبيق نص المادة (38) من الدستور.