الاعتراض الرئاسي الثاني في ظل دستور 2014 - قراءة دستورية

د. فتحي فكري

الاثنين 27 أكتوبر 2025

* الكاتب: د. فتحي فكري - أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، عضو لجنة الخبراء العشرة لدستور 2014، وزير القوى العاملة والتنمية الإدارية الأسبق

** يُنشر هذا المقال لأول مرة عبر "منشورات قانونية" بإذن خاص من الكاتب

 

لأسباب جمعت بين الدواعي القانونية واعتبارات الملاءمة، سبق لرئيس الجمهورية الاعتراض في 2018 [1] على مشروع قانون التجارب الإكلينيكية (التجارب السريرية)، وها هو يجدد الاعتراض في 2025 على مشروع قانون الإجراءات الجنائية.

ويتأسس اعتراض رئيس الجمهورية على المادة 123 من الدستور، الناصة على: "لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين والاعتراض عليها". "وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب، رده إليه خلال ثلاثين يوماً من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يرد مشروع القانون في هذا الميعاد، اعتبر قانوناً وأُصدِر". "وإذا رد في الميعاد المتقدم إلى المجلس، وأُقره ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه، اعتبر قانوناً وأُصدِر".

وللوقوف على أبعاد السابقة الثانية في ظل الدستور الحالي، سنتبع خطة من محورين:

  • تلقي البرلمان الاعتراض الرئاسي.
  • آلية نظر الاعتراض.

وقدرنا من الملائم التمهيد لذلك ببيان يصور، بالقدر المناسب للمقام، أجواء الموافقة البرلمانية على مشروع القانون.

1) أجواء الموافقة البرلمانية على مشروع القانون:

وافق مجلس النواب على مشروع قانون الإجراءات الجنائية بصفة نهائية في 29 أبريل 2025، وسط أجواء من الإشادة بالجهد المبذول من قبل البرلمان [2] والحكومة، لا سيما وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي [3]، واعتبار تلك الموافقة خطوة غير مسبوقة لتعزيز الحقوق الدستورية وتوفير سياج متين لحمايتها وتكريس ضماناتها.

حقاً، وُجدت أصوات تحفظت على مردود تلك الخطوة، إلا أن صدى صوتها كاد أن يتلاشى في خضم نبرة الإشادة التي ارتفعت عالياً [4].

وقد استوقفنا عدم عرض مشروع قانون الإجراءات الجنائية على مجلس الشيوخ [5]. فهذا القانون يُنظر إليه على أنه الدستور المصغر، أو الدستور الثاني، وهذه الأهمية وتلك المكانة كانت تستدعي قيام مجلس النواب بتفعيل ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 249 من الدستور [6] التي تنص على أخذ رأي مجلس الشيوخ في "مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي تحال إليه من ... مجلس النواب".

ونعتقد أن مشاركة مجلس الشيوخ في مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية كان من شأنها تقليص قائمة الثغرات التي علقت به، فكلما اتسعت دائرة النقاش وتبادل الرأي، تعمقت الرؤى ونضجت الأفكار، بما يكفل التوصل لأفضل الحلول للتساؤلات المثارة.

وربما تردد أن اشتراك مجلس الشيوخ في مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية كان سيفضي إلى إطالة فترة المناقشات التي بلغت ما يربو على عامين. إلا أن هذا الطرح يفنده أن مجلس النواب وافق نهائياً على مشروع القانون في 29 أبريل 2025، وظل مجمداً في أدراج المجلس زهاء أربعة أشهر [7]، حيث لم يرسل للرئاسة إلا في 26 أغسطس من نفس العام!

فأين الرغبة في الإسراع في ظهور القانون لحيز النور؟

والأهم من ذلك، أنه في اليوم السابق على الموافقة النهائية على مشروع القانون (28 / 4 / 2025)، تقدمت الحكومة بطلب إعادة المداولة [8] في عدد من المواد [9]، ووُفِق عليها جميعاً في ذات الجلسة. وكان الأوجب ترك فرصة أطول لتأمل تلك التعديلات ودراسة أبعادها بإتقان قبل الاقتراع عليها [10].

كما ألمح البعض إلى أن "تعدد المسودات والتغييرات دون نشر نسخ محدثة أولاً بأول مثّل عقبة إضافية منعت اطلاع أطراف العدالة على التعديلات المتعاقبة... كما فوجئ كثيرون بعد فوات الأوان ودخول المشروع مرحلة الموافقة النهائية، بصياغات مغايرة لما نُشر في وسائل الإعلام" [11].

ولذا لم يكن مستغرباً أن ترتفع، فور الانتهاء من مناقشة القانون، أصوات حقوقية وقانونية مطالبة الرئيس بعدم التصديق على مشروع القانون، "نظراً للخطورة التي يُشكلها ذلك القانون على مستقبل الحقوق في مصر" [12].

2) تلقي البرلمان الاعتراض:

حسم رئيس الجمهورية الموقف بالاعتراض على مشروع القانون بتاريخ 21 سبتمبر 2025. وانصب الاعتراض على ثماني مواد (48، 105، 112، 114، 123، 231، 411، علاوة على المادة السادسة من مواد الإصدار المتعلقة ببدء نفاذ القانون).

فكيف قوبل هذا الاعتراض برلمانياً [13] بعد وصف الموافقة على مشروع القانون بالإنجاز التاريخي؟

تمثل رد الفعل الأولي لمجلس النواب حال تلقي الاعتراض في إصدار بيان جاء فيه: كتاب رئيس الجمهورية "يفيض بحس وطني عميق وبصيرة دستورية نافذة وحرص صادق على أن يظل البناء التشريعي في مصر قائماً على أسس متينة من الوضوح والإحكام والتوازن، فلا يغلب فيه جانب على آخر ولا تطغى فيه مقتضيات العدالة الناجزة على ضمانات الحرية". واستطرد البيان: "مجلس النواب إذ يرحب ترحيباً عظيماً بهذا التوجيه الرئاسي الكريم، ليؤكد أن ما تفضل به فخامة السيد رئيس الجمهورية يمثل أرقى صور ممارسة الصلاحيات الدستورية، ويعكس وعياً استثنائياً بقدسية العدالة الجنائية ومكانتها في صون السلم العام وحماية المجتمع" [14].

وبعيداً عن سبب تفلت المعاني الفائتة من البرلمان حال مناقشة مشروع القانون الذي امتدت فترة التداول فيه لأكثر من عامين، يعن التساؤل عما إذا كان هذا البيان، بما احتواه من انحياز تام للاعتراض في ذاته وكذا مضمونه، ينطوي على مصادرة لحق المجلس، حينما يلتئم في جلسة عامة، في قبول الاعتراض من عدمه؟

أليس رفض مجلس النواب الاعتراض حقاً دستورياً كحق الرئيس في الاعتراض سواء بسواء؟

3) آلية نظر الاعتراض:

عقد البرلمان أولى جلسات دور الانعقاد السادس والأخير [15] من الفصل التشريعي الثاني في أول أكتوبر 2025، وفي تلك الجلسة عرض رئيس المجلس لكتاب رئيس الجمهورية بالاعتراض على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية.

وتضمن الكتاب اقتراح الرئاسة بدء العمل بالقانون مع بداية العام القضائي الجديد، وليس بمجرد النشر؛ نظراً لما يتطلبه من إنشاء مراكز إعلانات هاتفية تتبع وزارة العدل وتجهيزها على مستوى أكثر من 280 محكمة جزئية، فضلاً عن الحاجة لوقت لتدريب المعنيين بالقانون بما استحدث فيه، وشمل الاعتراض المادة (48) لغياب تعريف محدد للخطر الذي يجيز دخول المساكن، بما قد يفتح الباب لتفسيرات واسعة تمس بالحماية الدستورية لحرمة المنازل، وكذلك المادة (105) لعدم توافقها مع المادة 64 من ذات المشروع بشأن استجواب المتهم في حالات الضرورة، حيث لم تمنح النيابة العامة الحق في استجواب المتهم دون حضور محامٍ في بعض الحالات المقررة لمأموري الضبط القضائي، وأيضاً المادة (112) لأنها أجازت إيداع المتهم في جرائم معينة دون تحديد مدة قصوى ودون اشتراط أمر قضائي مسبب، وهو ما قد يمس ضمانات الحرية الفردية، فضلاً عن المادة (114) لاقتصارها على ثلاث بدائل فقط للحبس الاحتياطي، بينما اقترحت الرئاسة إضافة بدائل أخرى تتيح مرونة أكبر لجهات التحقيق، علاوة على المادة (123) لاقتصارها على عرض أوراق المتهم على النائب العام لمرة واحدة فقط أثناء الحبس الاحتياطي، بدلاً من العرض الدوري كل ثلاثة أشهر كما أوصت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان [16]، وضمت القائمة المادة 231 لضرورة النص على إمكانية العودة إلى الإعلان التقليدي حال تعطل الوسائل الإلكترونية، مع إلزام الإعلان خلال 24 ساعة، وأخيراً، المادة 411 لأنها تلزم المحكمة بانتداب محامٍ في غياب المتهم أو وكيله عند النظر في الاستئناف دون منحه فرصة للحضور، بما قد يتعارض مع مبدأ كفالة حق الدفاع وأصل البراءة.

وهذا الكتاب يمنحنا الفرصة لإبداء ملحوظة من شقين:

أ- عزز رئيس الجمهورية اعتراضه ببيان الأسباب المبررة له، فهل كان الرئيس ملزماً بذلك؟ بالعودة لنص الدستور سنجده خلواً من الإشارة إلى تسبيب الاعتراض الرئاسي، مما قد يعطي الانطباع بانتفاء التزام بالتبرير يثقل كاهل الرئيس عند اعتراضه على مشروعات القوانين المحالة إليه لإصدارها. إلا أننا نميل للرأي العكسي، ونرى أن هذا القيد مستفاد ضمناً من الفقرة الأخيرة من المادة 123 من الدستور والمتطلبة موافقةَ ثلثي أعضاء مجلس النواب [17] لتجاوز الاعتراض، فتلك الأغلبية تفيد وجود نقاش، يتناول الأفكار التي يدور حولها الاعتراض والأسانيد التي شُيد عليها. والقول بخلاف ذلك يعني أن مداولات البرلمان ستدور في فراغ، مما يثار معه التساؤل حول سند تصويت الأعضاء بأعلى الأغلبيات المقررة بتأييد الاعتراض الرئاسي أو رفضه. وعليه، لا نلمح أي مخالفة فيما نصت عليه المادة 177 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب من قيام رئيس الجمهورية بإخطار رئيس المجلس بالاعتراض وأسبابه [18].

ب- الفقرة الثالثة من المادة 177 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب تنص على أنه "في حالة اعتراض رئيس الجمهورية، يعقد المجلس جلسة عاجلة لهذا الغرض، ويجوز له أن يدعو رئيس مجلس الوزراء للإدلاء ببيان في هذا الشأن...". ونرى أن هذه الدعوة تفرض نفسها حينما يكون مشروع القانون المعترض عليه أصله حكومي، كما هو الحال في قانون الإجراءات الجنائية. فعلى هذا النحو، تتمكن الحكومة من إبداء رأيها في الاعتراض، لتتسع الرؤية أمام أعضاء مجلس النواب حينما تحين لحظة التصويت على الاعتراض.

وباستعراض بيان رئيس مجلس الوزراء في هذا الشأن [19]، سنجد أنه لم يحقق الهدف المبتغى، فقد احتوى على فقرة مطولة للإشادة بجهد مجلس النواب في نظر مشروع قانون الإجراءات الجنائية "بهدف تحديث منظومة الإجراءات الجنائية بما يتوافق مع أحكام الدستور والتزامات مصر الدولية"، مضيفاً أنه بالرغم من اجتهاد المجلس والحكومة في هذا الشأن، فإن رئيس الجمهورية رأى "أن هناك من الضمانات ما يمكن إضافته، ومن الإيضاحات ما يزيد النصوص جلاءً وتبياناً". وهكذا جاء البيان بصيغة عامة، وسياسي في المقام الأول وربما الأخير، دون الإدلاء برأي محدد في هذه المادة أو تلك من المواد موضع الاعتراض.

على أي حال، فقد انتهى اجتماع المجلس بإحالة الاعتراض والبيان إلى اللجنة العامة كخطوة أولى لبحث الاعتراض، التزاماً بما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 177 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب [20].

الخطوة الأولى - اجتماع اللجنة العامة:

عقب رفع الجلسة العامة لمجلس النواب، انعقدت اللجنة العامة [21] في ذات اليوم لدراسة كتاب رئيس الجمهورية بالاعتراض وبيان رئيس مجلس الوزراء الملقى في هذه المناسبة. وحددت اللجنة معالم دورها بالاقتصار على "دراسة المبادئ والنصوص محل الاعتراض، والوقوف على أسباب الاعتراض الدستورية أو التشريعية، وإبداء الرأي بشأنها، دون أن تمتد صلاحياتها إلى تعديل النصوص أو إعادة صياغتها، إذ أن هذه المهمة تناط باللجنة الخاصة التي يشكلها المجلس لهذا الغرض، إذا ما انتهى إلى قبول الاعتراض بعد مناقشة تقرير اللجنة العامة" [22].

وعلى هدي ما تقدم، استعرضت اللجنة المواد محل الاعتراض مستعيدة - أحياناً - ما أثير من مناقشات في غضون التداول في مشروع القانون، مع سماع وجهة نظر الحكومة في المواد محل الاعتراض. وتتويجاً لذلك، خلصت اللجنة إلى الموافقة على اعتراض رئيس الجمهورية على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية.

وشفعت اللجنة تلك الموافقة بالتوصية باقتصار المناقشات في الجلسة العامة واللجنة الخاصة على المواد محل الاعتراض فقط، دون التطرق لسواها [23]. فالاعتراض "ليس منصباً على المشروع بأكمله، وإنما يقتصر دور المجلس على النظر في النصوص والأحكام التي جرى الاعتراض عليها..." [24]. وعولت اللجنة في ذلك على سابقتي الاعتراض الرئاسي في 1978، 2008.

وفي تقديرنا، أن السابقتين المشار إليهما لا تصلحان لتأسيس مبدأ حصر دور البرلمان في المواد المعترض عليها فحسب، كما سنوضح لاحقاً. ولكن قبل ذلك، علينا أن نستقرئ ما جاء في نصوص الدستور الخاصة بالاعتراض لنقف على ما إذا كان مجلس النواب يتقيد بالمواد المعترض عليها، أم أنه يملك تجاوزها لغيرها، ولو لم تكن مرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة.

فالمادة 123 من الدستور تقضي بأنه حال اعتراض الرئيس على مشروع القانون "رده إليه"، أي رد المشروع كاملاً للبرلمان، وبذلك يستعيد المجلس اختصاصه التشريعي تجاه كافة نصوص المشروع. ولو اتجهت إرادة الشارع التأسيسي إلى حصر سلطة البرلمان في النصوص موضع الاعتراض، لكانت صيغة النص "رد المواد محل الاعتراض إليه"، أي إلى البرلمان، باعتبار أنه لا جدوى من إعادة المواد الأخرى التي استنفد المجلس النيابي اختصاصه بشأنها. وأكد الشارع التأسيسي موقفه في الفقرة الأخيرة من المادة 123 التي قضت بأنه "إذا أقره (أي أقر البرلمان مشروع القانون) ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه، اعتبر قانوناً وأُصدِر"، وكما هو واضح، النص يتكلم عن إقرار المشروع لا النصوص المعترض عليها دون غيرها.

علماً بأن هذا ما حدث حال الموافقة على المواد المعترض عليها من قانون الإجراءات الجنائية، حيث وافق البرلمان نهائياً على تلك المواد ثم أعاد الموافقة نهائياً على مشروع القانون ككل [25].

يعضد تحليلنا أن الأخذ بالرأي الذي مالت إليه اللجنة العامة من شأنه أن يضعنا أمام نتائج تتسم بغير قليل من الغرابة. فحال اعتراض رئيس الجمهورية على بعض النصوص ورفضَ الاعتراض، فعلى البرلمان الموافقة على تلك المواد بأغلبية الثلثين، وهكذا نكون أمام نصوص غير معترض عليها أُجيزت بأغلبية عادية، ومواد معترض عليها ومُررت بأغلبية الثلثين، فهل من المنطقي أن نقابل أكثر من أغلبية في الموافقة على نفس القانون؟

ويجرنا هذا الوضع لسؤال جديد حول تعديل نصوص هذا القانون: هل ستعدل بعض المواد بالأغلبية العادية، والبعض الآخر بالأغلبية الموصوفة؟

ثم ما الضير في تعديل نص لم يشمله الاعتراض، لكفالة المزيد من الضمانات للحقوق والحريات، أو استجابة لمقترحات استجدت عقب الاعتراض؟ والقول بغير ذلك لن يمنع التعديل، وإنما سيؤخره لبعض الوقت يُحرَم فيه أصحاب الشأن من مزايا التعديل. فالمجلس عقب نفاذ القانون بمكنته اقتراح التعديل المراد، ليسرى بعد استيفاء الإجراءات. وهكذا نصل لذات النتيجة، ولكن بعد وقت قد يطول أو يقصر.

وإزاء صراحة النصوص الدستورية، لا محل للتمسك بالسوابق البرلمانية. ومع ذلك، فإنه ليس من المؤكد صواب الاستشهاد بالسابقتين المشار إليهما في التقرير، فالأولى منهما وقعت في إطار فراغ نصي، حيث أجدبت لائحة مجلس الشعب لعام 1972 من آلية نظر الاعتراضات الرئاسية، وللتغلب على هذا الوضع (على سالف البيان) شُكلت لجنة خاصة لبيان الخطوات الواجبة الاتباع في هذا الشأن، وبالفعل حددت اللجنة ثلة قواعد منها قصر البحث على النصوص المعترض عليها. ووجدت الأحكام التي وضعتها اللجنة الخاصة سبيلها للائحة عام 1979، عدا قاعدة قصر دور البرلمان على مراجعة النصوص التي اعترض عليها رئيس الجمهورية، وكررت اللائحة الحالية لمجلس النواب الصادرة عام 2016 نصوص اللائحة السابقة عليها، أي دون قاعدة حصر البرلمان في المواد المعترض عليها.

وفي إطار اللائحة الأخيرة، وقعت السابقة الثانية للاعتراض الرئاسي عام 2018. وهكذا يبين أن تلك السابقة حدثت في مناخ قانوني مختلف، حيث تواجدت نصوص تحكم التصدي للاعتراض الرئاسي. ولا نرى في هذا الإطار جواز إعمال قاعدة عدم تجاوز نظر البرلمان المواد المعترض عليها، فقد كرست لائحة 1979، وسارت على نهجها اللائحة النافذة، القواعد التي وضعتها اللجنة الخاصة عام 1978 دون تلك الجزئية، ولو رُئي منطقيتها لتم تضمينها للنصوص المتعلقة بالموضوع كغيرها من الأحكام الأخرى.

الخطوة الثانية - عرض تقرير اللجنة العامة في اجتماع عام:

عقب موافقة اللجنة العامة على الاعتراض الرئاسي، عُرض التقرير المعد من جانبها على الجلسة العامة [26] التي جرت في الثاني من أكتوبر 2025، حيث وافق المجلس على التقرير، وقرر تشكيل لجنة خاصة لإعادة صياغة المواد المعترض عليها، من اثني عشر نائباً [27]، علاوة على مشاركة بعض الشخصيات دون أن يكون لها حق التصويت [28].

اجتمعت اللجنة يوم السبت الموافق 4 أكتوبر 2025 [29]، لإعداد صياغات للمواد المعترض عليها، ووافقت اللجنة على الصياغات المقترحة من الحكومة بالنسبة للمواد المطروحة، عدا المادة 105 التي جرت مناقشتها في مناخ مشحون.

فلم تكن هناك مشكلة في تعديل المادة السادسة من مواد الإصدار ليسرى القانون من العام القضائي القادم 2026، وأُضيف للمادة 48 نماذج لحالات الخطر (الحريق أو الغرق) للقياس عليها، وعُززت المادة 112 المتعلقة بالإيداع في مراكز الاحتجاز بتطبيق قواعد الحبس الاحتياطي في هذه الحالة، وزُودت المادة 114 بأربع بدائل للحبس الاحتياطي [30]، وأضحت المادة 123 تنص على عرض أمر المحتجز على النائب العام كل تسعين يوماً، لا مرة واحدة كما ورد في الصياغة السابقة، وألزمت المادة 231 بالعودة للوسائل التقليدية للإعلان بالوسائل التقليدية وإتمامه خلال 24 ساعة، ومنحت المادة 411 للمستأنف الفرصة للحضور حال تخلفه عن حضور جلسة الاستئناف.

أما المادة 105 فقد تفجر خلاف حال مناقشتها، حيث اقترح وزير العدل إضافة فقرة أخيرة للمادة 105 نصها: "ويجوز لعضو النيابة العامة استثناءً أن يستجوب المتهم في الأحوال التي يُخشى فيها فوات الوقت متى كان لازماً في كشف الحقيقة، وإذا حضر المحامي قبل انتهاء التحقيق يحق له الاطلاع على ما تم من إجراءات في غيبته". وأيد المقترح كل من ممثلي مجلس القضاء الأعلى، النيابة العامة، وزارة الداخلية.

بيد أن نقيب المحامين أثبت رفضه للتعديل، "مبرراً رفضه بتعارض التعديل المقترح مع مضمون ما تضمنه اعتراض السيد رئيس الجمهورية حول هذه المادة والذي طالب مزيداً من حقوق الدفاع وليس إهدار حقوق الدفاع، فضلاً عن أن هذا التعديل يتناقض مع فلسفة مشروع القانون، ويتضمن شبهة عدم دستورية لمخالفته للمادة (54) من الدستور، مشيراً أن هذا الاستثناء حاولت الحكومة إدخاله على هذه المادة في كل مراحل مناقشات مشروع القانون إلا أنه قوبل بالرفض لمخالفته للضمانات الدستورية المقررة لحق الدفاع"، مستطرداً: "أن النقابة ملتزمة وفقاً للقانون بتوفير العدد الكافي من المحامين المنتدبين في جميع النقابات العامة والفرعية مهما كان بُعد مسافتها وفي أيام العطلات والأعياد، وهو ما نصت عليه صراحة المادة (540) من المشروع التي سبق وأن وافقت عليها النقابة، مُحذراً من أن هذا التعديل له مردود سلبي على المستويين المحلي والدولي، وفيه انحراف عما تضمنه اعتراض السيد رئيس الجمهورية على هذه المادة" [31].

وأثبت ستة من أعضاء اللجنة رفضهم لمقترح وزير العدل [32]. وبالتصويت على المقترح وافق عليه (7) نواب، ورفضه (6) آخرون، وعقب تلك الموافقة انسحب من الجلسة نقيب المحامين وثلاثة من أعضاء اللجنة [33].

ولما كانت اللجنة تضم (12) عضواً، فإن النتيجة المنوه عنها تحققت بالصوت المرجح لرئيس اللجنة، مما أشعرت الحكومة بغياب التوافق، لتطلب إعادة مناقشة المادة مقترحة صيغة بديلة للفقرة الأخيرة نصها: "ويجوز لعضو النيابة العامة في الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت متى كان لازماً في كشف الحقيقة أن يندب محامياً أو أن يطلب من نقابة المحامين الفرعية ندب أحد المحامين لحضور التحقيق على وجه السرعة بالطريقة التي يتفق عليها بين النيابة العامة والنقابة العامة للمحامين، ولعضو النيابة أن يستجوب المتهم إذا لم يحضر المحامي في الموعد المحدد لحين حضوره، ويحق للمحامي الموكل أو المنتدب حضور جلسة التحقيق إذا حضر قبل انتهائها والاطلاع على ما تم من إجراءات التحقيق في غيبته" [34]. وحظي مقترح الحكومة بأغلبية أعضاء اللجنة.

وإذ أتمت اللجنة الخاصة مهمتها، فلم يتبق إلا عرض الأمر على الجلسة العامة.

الخطوة الأخيرة – الإقرار في الجلسة العامة:

انعقدت الجلسة العامة لمجلس النواب في 16 أكتوبر 2025 وأقرت التعديلات المقترحة من اللجنة الخاصة، مع تعديل طال المادة 105 قدمه أحد النواب [35] لقصر استثناء جواز استجواب المتهم دون محاميه على حال انتقال النيابة للمتهم في محبسه أو المستشفى حال وجود خشية من وفاة المتهم [36].

وفي الختام، صوت مجلس النواب بالموافقة النهائية على تعديلات المواد المعترض عليها [37] وعلى القانون ككل [38].

كلمات استخلاصية:

في نهاية تلك القراءة الدستورية، نود بسط بعض النقاط التي لم تسمح ظروف العرض من تسليط الضوء الكافي عليها، أو لإبداء مقترحات مستفادة من المراحل التي اجتازها اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية:

1- حين اعترض رئيس الجمهورية على المواد الثمانية من قانون الإجراءات الجنائية، تردد قول بضآلة عدد تلك المواد مقارنة بمجمل القانون الذي بلغت مواده 546 مادة. وهذا القول هون من شأن المواد محل الاعتراض، في حين تدور تلك المواد حول حماية الحرية الشخصية والحفاظ على حرمة المسكن وكفالة حق الدفاع، وهذه الأمور تمثل المرتكزات الأساسية لقانون الإجراءات الجنائية، وما المواد الأخرى إلا مساعدة لها، ومهيئة السبيل لتحقيقها. وبناء عليه، كنا أمام اعتراض جوهري، لا يقاس بعدد المواد التي انطوى عليها، وإنما بالغايات التي يُرجى بلوغها.

2- اتسمت أعمال اللجان التي شُكلت لنظر الاعتراض بقدر ملموس من العجلة في الخطى، فلم تعقد أياً منها سوى اجتماع وحيد، وهو الأمر المستغرب خصوصاً بالنسبة للجنة الخاصة التي شُكلت لإعداد صياغة للمواد المعترض عليها. وحدث ذلك رغم الاتجاه الواضح لتأجيل العمل بالقانون للعام القضائي المقبل في 2026. وهذا المسلك لا يمكن عده في صالح أداء مجلس النواب.

3- أظهر التطبيق العملي أن المادة 123 من الدستور تحتاج إعادة نظر من جانبين:

  • يجيز نص المادة التغلب على الاعتراض الرئاسي بموافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، فماذا لو كان المشروع يندرج ضمن القوانين المكملة للدستور وتمت الموافقة عليه بالتالي بأغلبية الثلثين، ألا يهدر هذا الفرض الحكمة من تطلُّب أغلبية خاصة لتجاوز اعتراض رئيس الجمهورية؟ ولذا علينا الهبوط بالأغلبية اللازمة لتمرير القوانين المكملة للدستور إلى أغلبية الأعضاء، حتى تتسق النصوص مع بعضها البعض ويسود الانسجام فيما بينها.
  • الاعتراض الرئاسي على قانون الإجراءات الجنائية طرح إشكالية تحتاج إلى حسم من قبل السلطة التأسيسية، ألا وهي: هل بمكنة البرلمان التعرض لنصوص أخرى بخلاف المعترض عليها، أم أنه مُقيد بتلك المواد؟ إن تلك المسألة لا يجب تركها للسوابق البرلمانية، سيما إذا كانت محل خلاف، وهو ما لا يصح في أمر يتعلق بسلطة المجلس النيابي في مباشرة أحد أهم اختصاصاته: التشريع.

الهوامش

[1] في تفاصيل هذه السابقة، راجع مؤلفنا: "ثلاث قضايا برلمانية للمناقشة (تشكيل الغرفة البرلمانية الثانية في الدساتير العربية – إسقاط العضوية البرلمانية وفقاً للحكم في جناية – تعليق على سابقتي الاعتراض الرئاسي على مشروعات القوانين في مصر)" – 2024 – ص 74 وما بعدها.

[2] في تصريح منسوب لرئيس مجلس النواب نقرأ: "اليوم ونحن بصدد الموافقة النهائية على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، يُحسب لمجلس النواب الحالي أنه قد اقتحم، بعزيمة صادقة، قلاع هذا الجمود، وحطم بكل جرأة، قيود التعطيل والانغلاق، ونفخ روح التغيير، بكل إيمان، في نصوص هرمت، فأحياها فتية، تواكب نبض العصر وتستجيب لحاجات المجتمع، واليوم بحمد الله قد بلغنا موعد ميلاد قانون الإجراءات الجنائية". وأضاف التصريح: "لقد جاء تعامل مجلسكم الموقر مع هذا المشروع استثنائياً، ولعل من أبرز مظاهره تشكيل لجنة فرعية في سابقة برلمانية فريدة، ضمت في عضويتها خبراء قانونيين بارزين، فتحولت اجتماعاتها إلى ورش عمل نابضة بالحيوية، وانفتحت أبواب النقاش الصادق، فعالجت أدق الإشكاليات وأعقد القضايا". (موقع نيوز روم في 29 أبريل 2025). وحريٌ بالتسجيل أن رئيس البرلمان سبق له حال الموافقة على مشروع القانون من حيث المبدأ في 24 فبراير 2025 أن أعلن "أن الأمر يتعلق بإنجاز حقيقي سيسجله التاريخ لهذا المجلس، لما يمثل القانون الذي يُعتبر دستور مصر الثاني أو الدستور المصغر لما ينطوى عليه من أحكام تمس بشكل مباشر حقوق وحريات الأفراد". (موقع CNN مصر بتاريخ 25 فبراير 2025).

[3] في 29 أبريل 2025، نُشر بيان صادر عن وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي على موقع رئاسة مجلس الوزراء المصري جاء فيه:

  • قانون الإجراءات الجنائية آلية حقيقية لتفعيل العقد الاجتماعي وأحد أهم أولويات الإصلاح التشريعي ويأتي ضمن توجه القيادة السياسية لتحقيق العدالة الناجزة.
  • القانون يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز سيادة القانون في مصر، ويسهم في تحديث المنظومة القضائية بما يتماشى مع المعايير الدولية.
  • مشروع قانون الإجراءات الجنائية استجابة تشريعية موفقة صادقة للاستحقاقات والضمانات الدستورية ويضعها موضع التطبيق.
  • القانون يسهم في تحديث المنظومة القضائية بما يتماشى مع المعايير الدولية.
  • المشروع يمنح السلطات القدرة على إنفاذ القانون بفاعلية ولكن في نفس الوقت يقنن الإجراءات لضمان عدم إساءة استخدامها.
  • المشروع كفل ضمانات قانونية لحقوق الإنسان مثل تقييد الحبس الاحتياطي وتقديم بدائل له وتعزيز حقوق المتهمين في الدفاع والمحاكمة العادلة. ويوحي هذا البيان أننا بصدد مشروع لقانون الإجراءات الجنائية أقرب للمثالية في أسلوب سنه ومضمونه المتوازن بين حماية المجتمع وضمان حقوق الخاضعين له. وقد كشف اعتراض رئيس الجمهورية لاحقاً أن تلك المثالية بُولغ في تصوير تحققها.

[4] أثناء إعداد القانون اعترضت على المشروع نقابتا المحامين والصحفيين، انظر في نص الاعتراض موقع "فكر تاني" – تحقيق بعنوان "ما سبب الاستعجال؟ .. غضب في عبد الخالق ثروت بسبب قانون الإجراءات الجنائية" – بتاريخ 29 أغسطس 2024. وراجع الحوار مع ناصر أمين (رئيس مركز استقلال القضاء والمحاماة) المنشور على موقع "فكر تاني" بتاريخ 4 سبتمبر 2024، والذي أفاد ضمن ما أورده في حواره أن "المقترح يسير في فلسفة؛ ففي الفقرة الأولى يتحدث عن حق دستوري ما، وفي الفقرة اللاحقة يلغيه فوراً، كما يحدث في الحديث عن إجازة حق الاطلاع، ثم إلغاء هذا الحق في فقرة أخرى بإتاحة الحق لعضو النيابة العامة بمنع هذا الحق دون معقب فيضيع الحق".

[5] لا يقدح في هذا التحفظ وجود ممثلين من مجلس الشيوخ أثناء مناقشة القانون بمجلس النواب (انظر تقرير اللجنة الخاصة لصياغة المواد المعترض عليها من قانون الإجراءات الجنائية – ص 19)، فمشاركة المجلس ككل شيء، ومشاركة نفر من أعضائه شيء آخر.

[6] مضافة في التعديل الدستوري عام 2019.

[7] برر تقرير اللجنة العامة لمجلس النواب بتاريخ أول أكتوبر 2025 تأخير إرسال مشروع القانون لرئاسة الجمهورية بمراجعة المشروع وتدقيقه، والتنسيق اللازم من الحكومة للتأكد من الجاهزية للتطبيق (ص 7 من التقرير). وهذا القول محل نظر شديد؛ فمن ناحية أولى، هل تمت الموافقة على المشروع نهائياً دون تدقيق؟ ولماذا لم يتم التدقيق في الفترة ما بين الموافقة المبدئية في فبراير 2025 والإقرار النهائي نهاية أبريل من نفس العام؟ ومن ناحية ثانية، لقد مُثلت الحكومة في كافة مراحل إعداد القانون والموافقة عليه، وكان الواجب التأكد من الجاهزية للتنفيذ قبل إقرار مشروع القانون لا بعده. ومن ناحية ثالثة، كشف اعتراض رئيس الجمهورية في أغسطس 2025 عن أن الجاهزية للتطبيق غير مكتملة، لا سيما ما يتعلق بمراكز الإعلانات الهاتفية.

[8] تنظم أحكام المداولة الثانية في مشروعات القوانين المادتين 173 و174 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

[9] هذه المواد هي: المادة 6 المتعلقة بفروض قيام النيابة مقام المجني عليه، المادة 17 لإضافة الجرائم الماسة بأمن الدولة لقائمة الجرائم التي لا تنقضي فيها الدعوى الجنائية، المادة 21 الخاصة بأثر الصلح على الدعوى الجنائية، المادة 30 المنصرفة لجرائم الشكوى، المادة 37 المنظمة لضوابط حجز وتقييد حرية الأشخاص، وأخيراً المادة 45 المعالجة لحالات الإخطار عن وجود محتجز بغير وجه حق.

[10] في بيان لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة نُشر على موقعه الإلكتروني في 13 مايو 2025، ذُكر "أنه تم إدخال تعديلات في اللحظات الأخيرة على مشروع القانون قبل إرساله إلى الرئيس للموافقة عليه. إلا أنه لم يتم الإعلان عن هذه التغييرات أمام الرأي العام، ما يثير مخاوف بشأن انعدام الشفافية التشريعية".

[11] محمد بصل – "ضمانات نجاح قانون الإجراءات الجنائية" – مقال - جريدة الشروق – 26 سبتمبر 2025.

[12] جاءت تلك المطالبة خلال فعالية نظمتها أمانة شباب الحركة المدنية الديمقراطية في 6 /5 / 2025 تحت عنوان "فرصة أخيرة للتراجع عن إقرار مشروع قانون الإجراءات الجنائية". (راجع موقع المنصة بتاريخ 7 /5 / 2025).

[13] ترحيب مجلس النواب باعتراض الرئيس وازاه ترحيب مماثل من الحكومة، فقد صرح وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بأن "الاعتراضات والملاحظات التي أبداها رئيس الجمهورية على مشروع قانون الإجراءات الجنائية جاءت في إطار دستوري سليم، وتهدف في جوهرها إلى تعزيز ضمانات المواطن المصري وتحسين حالة حقوق الإنسان". (انظر موقع اليوم السابع بتاريخ 2 أكتوبر 2025). وبمقارنة ذلك التصريح بموقف الوزير حال موافقة البرلمان على مشروع القانون الذي جاءت المبادرة بشأنه من الحكومة (راجع ما سبق)، دعا حزب الإصلاح والتنمية الوزير للاستقالة. (موقع الحرية في 27 / 9 / 2025).

[14] راجع موقع جريدة أخبار اليوم في 21 سبتمبر 2025، تاريخ الزيارة 27 / 9 / 2025.

[15] دور الانعقاد هذا يتسم بالقصر حيث ينتهي في يناير 2026، وانعقاده تم لاستكمال المجلس مدته القانونية المقدرة في المادة 106 من الدستور بخمس سنوات ميلادية.

[16] أُنشئت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2396 لسنة 2018، وتختص فيما تختص باقتراح القوانين والتعديلات المتعلقة بمجال دعم وتعزيز حقوق الإنسان (المادة الثالثة من القرار المذكور).

[17] حدد دستور 1971 قيد تجاوز الاعتراض بأغلبية الأعضاء (المادة 113)، وقفزت تلك الأغلبية إلى 2/3 الأعضاء في دستور 2012 (المادة 104)، وسار على ذات الدرب الدستور القائم.

[18] في السابقة الأولى للاعتراض الرئاسي عام 1978 لم تكن لائحة مجلس الشعب السارية آنذاك تتطرق لأي تفاصيل لنظر الاعتراض الرئاسي، وشُكلت لجنة خاصة لصياغة معالم تلك التفاصيل وكان منها تسبيب الاعتراضات الرئاسية، وقننت اللائحة التالية الصادرة عام 1979 شرط التسبيب. لمزيد من التفاصيل راجع مؤلفنا: "ثلاث قضايا برلمانية للمناقشة.." – المرجع السابق – ص 76 وما بعدها.

[19] نُشر نص البيان على موقع مجلس النواب بواسطة وكالة أنباء البرلمان في أول أكتوبر 2025.

[20] وفقاً للفقرة المنوه عنها في المتن: "وفي حالة اعتراض رئيس الجمهورية، يعقد المجلس جلسة عاجلة لهذا الغرض، ويجوز له أن يدعو رئيس مجلس الوزراء للإدلاء ببيان في هذا الشأن، ويحيل المجلس الاعتراض والبيانات المتعلقة به في ذات الجلسة إلى اللجنة العامة لدراسة المشروع المعترض عليه، والمبادئ والنصوص محل الاعتراض وأسبابه الدستورية أو التشريعية بحسب الأحوال".

[21] اجتمعت اللجنة برئاسة رئيس مجلس النواب، طبقاً لتشكيلها الوارد في المادة 24 من اللائحة الداخلية.

[22] تقرير اللجنة العامة السابق ذكره – ص 6.

[23] تقرير اللجنة العامة السابق ذكره – ص 14. كررت اللجنة هذه القاعدة في غير موضع من تقريرها، ونعتقد أن في خلفية هذا التأكيد الأصوات الحقوقية التي طالبت بإعادة النظر في مشروع قانون الإجراءات الجنائية بكامله، راجع على سبيل المثال: التحقيق المعنون "حزبيون وحقوقيون يطالبون بإعادة مناقشة قانون الإجراءات الجنائية بمختلف جوانبه"، وهو رصد لما قيل من آراء في المائدة المستديرة التي نظمها الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (موقع جريدة الشروق في 30 سبتمبر 2025)، والتحقيق المنشور على موقع "فكر تاني" في أول أكتوبر 2025 بعنوان "مطالبات بالتأني واستشعار الحرج مع بدء إعادة مناقشة الإجراءات الجنائية". وراجع كذلك البيان المنسوب لبعض منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية المنشور على موقع Middle East Democracy Center في 23 سبتمبر 2025 بعنوان: "المجتمع المدني يرحب بقرار عدم التوقيع على مشروع قانون الإجراءات الجنائية المصري".

[24] تقرير اللجنة العامة السابق ذكره، ص 6.

[25] انظر لاحقاً.

[26] من اللافت للنظر إصرار رئيس مجلس النواب في الجلسة العامة على تذكير وزير العدل برفضه اعتراض رئيس الجمهورية على المادة 114 من منطلق كفاية بدائل الحبس الاحتياطي وعدم الحاجة إلى الإضافة إليها، وحينما حاول وزير العدل الالتفاف على الموضوع ذكّره رئيس المجلس بأن الأمر مسجل بالصوت والصورة، وانتهى الأمر بإعلان وزير العدل تراجعه عن اعتراضه. (انظر ما ورد في هذا الشأن ما نُشر على موقع المصري اليوم بتاريخ 2/ 10 / 2025).

[27] شُكلت اللجنة برئاسة المستشار أحمد سعد الدين (الوكيل الأول لمجلس النواب) وعضوية كل من: النائب إبراهيم الهنيدي (رئيس اللجنة التشريعية)، النائب إيهاب الطماوي (وكيل اللجنة التشريعية)، النائب طارق رضوان (رئيس لجنة حقوق الإنسان)، النائب محمد عبد العزيز (وكيل لجنة حقوق الإنسان)، النائب علاء عابد (رئيس لجنة النقل والمواصلات)، النائب عاطف ناصر (رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى)، النائب أحمد بهاء شلبي (ممثل الهيئة البرلمانية لحزب حماة وطن)، النائبة مها عبد الناصر، النائبة أميرة أبو شقة، النائب ضياء الدين داود، النائب أحمد الشرقاوي.

[28] المستشار محمود فوزي (وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي)، المستشار وزير العدل، نقيب المحامين، المستشار محمد عبد العليم كفافي (مقرر اللجنة الفرعية)، ممثل عن مجلس القضاء الأعلى، ممثل عن النيابة العامة، ممثل عن وزارة الداخلية، ممثل عن وزارة الاتصالات، ممثل عن المجلس القومي لحقوق الإنسان، ممثل عن أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ومحمد شحاتة (عضو اللجنة الفرعية – أحد المحامين المتخصصين في القضايا الجنائية).

[29] طبقاً لموقع مصراوي بتاريخ 10 /4 /2025، استمر اجتماع اللجنة سبع ساعات، ونتساءل عن السبب في الإصرار على انتهاء أعمال اللجنة في نفس الاجتماع، رغم الخلافية التي تصطبغ بها بعض المواد المعترض عليها.

[30] هذه البدائل هي: 1- إلزام المتهم بعدم مغادرة نطاق جغرافي معين إلا بعد الحصول على إذن من النيابة. 2- إلزام المتهم بالامتناع عن استقبال أو مقابلة أشخاص معينين أو الاتصال بهم بأي شكل من الأشكال. 3- منع المتهم مؤقتاً من حيازة أو إحراز الأسلحة النارية وذخيرتها، وتسليمها لقسم أو مركز الشرطة الذي يقع في دائرته محل إقامته. 4- استخدام الوسائل التقنية في تتبع المتهم حال توافر ظروف العمل بها، ويصدر بها قرار من وزير العدل بالتنسيق مع وزيري الداخلية والاتصالات. ومن الواضح أن البديل الرابع مؤجل، ولمدة غير محددة، أما البدائل الأخرى فقد تخوف ممثل كلية الحقوق جامعة القاهرة من عدم قابليتها للتطبيق العملي. (انظر: تقرير اللجنة الخاصة السابق ذكره – ص 15).

[31] تقرير اللجنة الخاصة السابق ذكره – ص 10.

[32] النواب: ضياء الدين داود – أحمد الشرقاوي – مها عبد الناصر – محمد عبد العزيز – أميرة أبو شقة – أيمن أبو العلا. (انظر تقرير اللجنة الخاصة السابق ذكره – ص 11).

[33] النواب: ضياء الدين داود – أحمد الشرقاوي – مها عبد الناصر.

[34] تقرير اللجنة الخاصة السابق ذكره – ص 12.

[35] النائب عاطف ناصر.

[36] راجع موقع اليوم السابع بتاريخ 16 أكتوبر 2025.

[37] وجدير بالذكر تمسك النواب: ضياء الدين داود، وأحمد الشرقاوي، وفريدي البياضي، ومها عبد الناصر، بنص المادة 105 كما ورد في مشروع القانون وحذف التعديل الذي أدخلته اللجنة الخاصة، كما اعترضوا على تعديل النائب عاطف ناصر، واتخذ نقيب المحامين ذات الموقف. (موقع اليوم السابع في 16 / 10 / 2025). وفي هذا السياق، صرح نقيب المحامين بأنه حال صدور القانون بصيغته الحالية، فإن النقابة ستتجه إلى الطعن بعدم دستورية المادة (105) والتعديل الاستثنائي الذي طرأ عليها، معتبراً أن الترويج لهذه المادة "يحمل قدراً من المزايدات ومحاولات لتضليل الرأي العام". (موقع المصري اليوم في 17 / 10 / 2025).

[38] موقع مجلس النواب (وكالة أنباء البرلمان) في 16 / 10 / 2025.