لوائح الضرورة فى دستور 2014 : تساؤلات لا تنقطع

د. فتحي فكري

الأربعاء 22 نوفمبر 2023

* الكاتب: الدكتور فتحي فكري، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، والوزير السابق، وعضو لجنة الخبراء العشرة لإعداد دستور 2014

** تنشر "منشورات قانونية" هذه الورقة بإذن خاص من الكاتب

 

كرست الدساتير المصرية الملكية ومن بعدها الجمهورية لوائح الضرورة. ومع هذا التواجد الممتد لما يناهز المائة عام لاتزال تلك اللوائح تطرح بين الفينة والأخرى تساؤلات تنتظر إجابات. ومرد تلك التساؤلات إلى ما طال صياغة النصوص من تغيير حيناً، وإلى واقع التطبيق حيناً آخر.

  ونظراً لتناول لوائح الضرورة فى الدساتير السابقة على 2014 بغزير الدراسات، فقد وقع اختيارنا على تحليل منظومة تلك اللوائح فى الدستور الحالى، لنرى نجاحها فى التغلب على التساؤلات التى راجت بلا حسم. وإذا كنا سنستدعى الوضع فى الدساتير الفائتة، فذلك سيرد وفقاً لمقتضيات ربط الماضى بالحاضر، كدلالة على اتجاه بوصلة التطور.

ويلى التمهيد السابق طرح ثلاثة تساؤلات رئيسية  ، ينطوى كل منها على ثلة من التساؤلات الفرعية ، كل ذلك من من منظور تحليلى نقدى.

 

التساؤل الأولمفاد عدم قيام البرلمان كشرط أولى لإصدار لوائح الضرورة:

  توسد الدساتير الوظيفة التشريعية ، المتمثلة فى وضع القواعد المنظمة للعلاقات المجتمعية ، للمجالس النيابية ، بحكم تمثيلها للإرادة الشعبية . بيد أن الدول قد تواجه بعض المخاطر التى لا تجدى القوانين القائمة فى التصدى لها، ومع غياب البرلمان لا مفر من السماح للسلطة التنفيذية – على سبيل الاستثناء - بسن القواعد اللازمة للتغلب على الأوضاع الطارئة .

  ولكن متى يعد البرلمان غائباً أو غير قائم ؟

   تباينت رؤى النصوص فى هذا الشأن . فوفقاً للمادة 41 من دستور 1923 ، يجوز اصدار لوائح الضرورة " فيما بين أدوار انعقاد البرلمان " . وهكذا حصر غياب البرلمان فى فرض وحيد ، ألا وهو حالة العطلة البرلمانية الفاصلة بين دورى انعقاد من ذات ذات الفصل التشريعى .

 وإذا كان هناك اتفاق على عدم جوز اصدار لوائح الضرورة حال تأجيل ([1]) الإنعقاد ([2]) ، فقد نشب خلاف حول جواز سن تلك اللوائح فى فترة حل البرلمان .

  فقد استصدرت الحكومة عدة مراسيم بقوانين ( لوائح ضرورة  فى فترة حل مجلس النواب ( 24 / 12 / 1924 – 10 / 6 / 1926 ) ، ودفاعاً عن مشروعيتها ، زعمت الحكومة  بأنها وضعت بين دور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعى المنصرم ، ودور الانعقاد الأول من الفصل التشريعى التالى، ومن ثم تكون قد صدرت بين دورى انعقاد كما يقضى النص الدستورى . بيد أن البرلمان بمجلسيه أعرض عن هذا التفسير ([3]) ، مقرراً بطلان تلك المراسيم  ، قاصراً بالتالى اصدارها على فرض العطلة البرلمانية .

  ومع التسليم بصواب موقف البرلمان التزاماً بالدستور، فإن الواقع كشف عن قصور التحديد النصى للنطاق الزمنى للوائح الضرورة ، فكيف لا يسمح بها فى فترة الحل ، بالرغم من أنها - عادة – ما تتجاوز مدة العطلة البرلمانية ؟

 وتفاديا لهذا الوضع أجاز دستور 1930 اصدار لوائح الضرورة أثناء " حل مجلس النواب " ، علاوة على فترة " فيما بين أدوار الانعقاد " ([4]) .

 ولم يستمر دستور 1930 فى العمل سوى فترة قصيرة لم تتعد أربع سنوات ، إذ سرعان ما صدر الأمر الملكى رقم 67 لسنة 1934 بإلغائه ([5]).

  وبمقتضى الأمر المار بيانه جمع الملك بين السلطتين التننفيذية والتشريعية ،

على أن يمارس الأخيرة بمراسيم من خلال مجلس الوزراء والوزراء ([6]) .

 وقد يُظن أن المراسيم الصادرة نفاذاً لهذا الأمر تُعد من قبيل لوائح الضرورة، ولكن الأقرب لقناعتنا أننا بصدد قوانين ([7]) قائمة بذاتها ، ويستدل على ذلك بالآتى :

- أن لوائح الضرورة تفترض وجود حياة نيابية ، وبتعطل تلك الحياة فى فترات اندماج السلطات ، أو الانقلاب على الدستور ([8]) ، تحتجب الحياة النيابية ([9]) ، ويحتجب معها الحديث عن لوائح الضرورة ([10]) .

- تُشرع لوائح الضرورة لمواجهة أخطار محدقة بالبلاد ، فى حين أن ممارسة السلطة التنفيذية للوظيفة التشريعية حال اندماج السلطات أو الانقلاب على الدستور لا تتوقف دوماً على وجود مثل تلك الأخطار .

- تُسن لوائح الضرورة فى غيبة البرلمان ، ولذا يتعين عرضها عليه حال عودته ، بوصفه صاحب الاختصاص الأصيل بالتشريع . أما ما يصدر فى فترة اندماج السلطات ، فقد لا تقضى النصوص المنظمة لتلك الفترة بهذا العرض ([11]) . وحتى حينما يًنص على العرض فإنه يكون فى الحدود وبالإجراءات التى تقررها الجهة القابضة على السلطة ، بعيداً عن أى مظهر للمشاركة الشعبية ([12]) .

   والنظر لما يصدر من قواعد فى الفرضين المشار إليهما على أنها قوانين قائمة بذاتها ، لا يعد ميزة للسلطة التنفيذية التى أصدرتها  ، فالبرلمان فور انعقاده بإمكانه إلغاء تلك القواعد أو تنقيحها فى المدى الذى يراه ، دون إعاقة من أى قيود  كانت إجرائية ، أو زمنية ، أو موضوعية ، على نقيض القرارات بقوانين التى ليس بمكنة البرلمان تعديلها ، إلا عبر تقديم مقترح بمشروع قانون، يمر بالإجراءات المعتادة لسن التشريعات ([13]) .

  وحاولت الدساتير التى صدرت عقب طى زمن الحقبة الملكية وإعلان الجمهورية  ( دستور 1956([14]) ، 1958 ([15]) ، 1964 ([16]) ) ألا تضيق من حالات اصدار لوائح الضرورة ، بالنص على جواز سنها ليس فقط فيما بين أدوار إنعقاد البرلمان ، وانما أيضاً فى فترة حله .

  وحال قصر مدد تطبيق هذه الدساتير دون مقابلة أى إشكاليات عملية تتصل بتطبيق هذا الضايط واقعياً .

  ومسايرة للاتجاه التوسعى أضاف دستور 1971 حالة وقف جلسات المجلس النيابى ([17]) للحالتين الواردتين فى الدساتير السابقة لجواز اصدار لوائح الضرورة ، معبراُ عن ذلك فى صدر المادة 147 بغيبة المجلس النيابى .

  ومع أننا بصدد سلطة استثنائية ، لا محل للتوسع فى تفسيرها ، اتجه البعض إلى إمكانية اصدار لوائح ضرورة فى كافة حالات الغيبة البرلمانية ([18]) ، ولو كانت غير دستورية ، كما فى فرض تأجيل رئيس الجمهورية جلسات المجلس النيابى دون نص يتيح له ذلك .

  ونظراً للإسراف ([19]) فى  اللجوء لاصدار قرارات بقوانين فى غير ضرورة ([20]) ، مالت الدساتير اللاحقة لتحجيم النطاق الزمنى للوائح الضرورة .

  إلا أن هذا المسعى – كما سنرى – لم يحالفه كامل التوفيق .

  فوفقاً للمادة 131 من دستور 2012 " عند حل مجلس النواب ينفرد مجلس الشورى باختصاصاتهما التشريعية المشتركة ، وتعرض القوانين التى يقرها مجلس الشورى على مجلس النواب فور انعقاده لتقرير ما يراه بشأنها .

 " وعند غياب المجلسين ، إذا طرأ ما يستوجب الإسراع باتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير ، يجوز لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارات لها قوة القانون ".

  وهذا التصور ضيق بلا مراء فرص اصدار لوائح الضرورة من خلال آلية احلال مجلس الشورى محل مجلس النواب فى المهام التشريعية عند حل الأخير .

  بيد أن النتيجة المرادة جرى التوصل إليها عبر مخالفة قاعدة من قواعد نظام المجلسين . فنظراً لأن الغرفة العليا ، وهى فى حالتنا مجلس الشورى ، تضم فى تشكيلها أعضاء غير منتخبين ([21]) ، فإن حل قرينتها الدنيا المنتخبة كلية ([22]) يستتبعه وقف جلسات الثانية ([23]) .

  كما أن النص غفل عن بيان وضع فترة وقف جلسات مجلس النواب تمهيداً لحله ([24]) ، فطبقاً للنص لا يصح اصدار قرارات بقوانين الضرورة إلا عند غياب المجلسين ، ونظراً لعدم جواز حل مجلس الشورى ، فإنه سيظل قائماً فى فرض وقف جلسات مجلس النواب ، فهل يمكن اصدار لائحة ضرورة آنذاك ؟ بحسبان أن اضطلاع مجلس الشورى بالتشريع محدد بحل مجلس النواب ، وهو ما لم يتحقق بعد  أم سيتم قياس وقف جلسات مجلس النواب على حله ، بالنظر لتجميد نشاط الغرفة الأولى فى الحالتين ؟

 ولم تختف إشكالية النطاق الزمنى لإصدار لوائح الضرورة فى دستور 2014، فالمادة 156 منه حظرت اصدار لوائح الضرورة حال وجود المجلس، واجازتها فى فرض عدم قيامه .

  وفرض الحظر ، وحالة السماح - عرضة للتحفظ ، كما سنرى .

أولاً – القاعدة العامة : حظر لوائح الضرورة حال قيام مجلس النواب :

  منع اصدار لائحة ضرورة حال قيام المجلس ، يعنى غل يد رئيس الدولة عن اصدار تلك اللوائح إبان العطلة البرلمانية ، إذ يُلزمه النص بدعوة مجلس النواب لاجتماع طارئ وعرض الأمر عليه ، ليقر مشروع القانون المقدم منه، كما هو أو بعد إدخال تعيلات عليه ، أو حتى الموافقة على اقتراح بقانون مقدم  من الأعضاء ([25]) .

  وهذا التصور الذى يُنص عليه للمرة الأولى فى نظامنا الدستورى ، يرجح رده إلى أن " مجلس النواب  هو صاصب الاختصاص الأصيل بالتشريع  ، وعند وجوده لا يجوز لسلطة أخرى التشريع فيما أُسند إليه ، ولو ألجأتها لذلك ضرورة  مُلحة ، إذ يتعين عليه مواجهة تلك الظروف بتشريعات يسنها هو ، ومن هنا وجبت دعوته للانعقاد " ([26]) .

  وفى ظننا أن سبب منع رئيس الجمهورية من اصدار قرارات بقوانين فى غضون العطلة البرلمانية ، مرجعه - بشكل أساسى – إلى إساءة استخدام نص لوائح الضرورة فى الماضى ، بيد أن ذلك العامل لا يجب أن ينسينا أن تلك اللوائح تصدر بمناسبة وجود أخطار محدقة بالبلاد ، فماذا لو دُعى البرلمان ولم يكتمل النصاب، أو استمرت المناقشات لفترة مهما قصرت تحولت معها الأخطار المُحلقة فوق الرؤس إلى أضرار واقعية لا راد لها ؟

  وكان يمكن تجنب المحازير السابقة بالنص على اتخاذ رئيس الدولة الإجراءات المناسبة لصد الخطر والتغلب عليه ([27]) ، مع دعوة البرلمان للانعقاد لاجتماع طارئ فى ذات الوقت . وبالتئام المجلس النيابى يكون له مراجعة ما تم، مع سن ما يتطلبه الوضع فى الحال أو الاستقبال من إجراءات أخرى .

  ويُثار فى هذا الإطار التساؤل حول جواز اصدار لوائح الضرورة فى الفترة الفاصلة بين فصلين تشريعيين .

  بتأمل النصوص يبين أن فرص هذا الاحتمال تتضاءل إلى حد بعيد ، فالمادة 106/ 2 من الدستور توجب انتخاب المجلس الجديد خلال ستين يوماً على انتهاء مدة المجلس القائم ([28]) . وإذا حدث خلال الفترة المشار إليها ما يتطلب اللجوء لقرارات بقوانين الضرورة ، يُستدعى المجلس القائم لدور انعقاد غير عادى ([29]) ، طالما أن مدة المجلس ، والمقدرة بخمس سنوات ([30]) ، لم تكتمل بعد ([31]) .

  إلا أن البرلمان قد يتم مدته ، ولا تكتمل الانتخابات رغم ذلك ([32]) ، هنا يمكن اصدار قرارات بقوانين فى حالة الضرورة ، فى الفترة من  انقضاء ولاية المجلس القديم وحتى انعقاد المجلس التالى .

 وفلسفة الدستور الحالية ، وقوامها الحد من اصدار لوائح الضرورة ، تتطلب تعديل النص ليقضى بانتخاب المجلس الجديد قبل ، لا خلال  ستين يوماً ، من انقضاء مدة المجلس القديم ، الأمر الذى سيقلل ، إلى حد بعيد ، وجود فاصل زمنى بين المجلسين ، وكذا فرصة اصدار لوائح ضرورة .

 وكخيار آخر يمكن تبنى حكم المادة 114 من دستور 1923 التى كانت تفرض مد فترة المجلس القديم لحين استكمال الانتخابات ([33]) ، بما مفاده وجود البرلمان بما يمتنع معه اصدار لوائح ضرورة .

ثانياً – الاستثناء : جواز اصدار لوائح الضرورة حال عدم قيام مجلس النواب:

  قبل التطرق لحالات عدم قيام مجلس النواب ، نوضح أن النص لم يفصح عن مدلول هذا التعبير ، حقاً إن مطالعة باقى النصوص ذات الصلة  تكشف عن أن المقصود هو حل البرلمان وإيقاف جلساته ، إلا أن الأفضل صياغة كان هو الإشارة إلى ذلك بصورة  جلية فى صلب النص نفسه . فنحن بصدد سلطة استثنائية يتعين ضبط قواعد ممارستها فى ذات الموضع المقرر لها ، تجنباً لأى تأويل يخرجها عن النطاق الذى رسمه الشارع لتخومها .

  ولما كان الوقف يسبق حل مجلس النواب ، فإن جمع الحديث عنهما منطقى .

 وتنتهى مدة مجلس النواب بصورة مبتسرة فى ثلاث حالات :

1- تقدير رئيس الجمهورية وجود ضرورة لحل المجلس النيابى ([34]) ، مما يستلزم اصدار قرار بوقف الجلسات ، وعرض الأمر على الاستفتاء العام خلال عشرين يوماً . وفى الفترة من وقف الجلسات لحين عرض الأمر على الشعب يجوز اصدار لوائح ضرورة إذا توافرت مقتضاياتها .

 ويتوقف استمرار اصدار لوائح الضرورة على نتيجة الاستفتاء . ففى حالة رفض الحل يفترض عودة المجلس القديم للانعقاد ، ومن ثم ينتفى مبرر اصدار قرارات بقوانين الضرورة .

 وكان على المشرع التأسيسى النص بجلاء على عودة اجتماعات المجلس فوراً عند عدم الموافقة على حله . وعلى أى حال فإن المجلس سيعد هنا قائماً، وبالتالى تغيب علة منح رئيس الجمهورية استثناءً السلطة التشريعية .

  اما فى فرض إقرار الحل ، فيدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات مبكرة خلال ثلاثين يوماً ، ولحين انتهاء الانتخابات تستمر رخصة اصدار لوائح الضرورة . ووفقاً للنص يجتمع المجلس الجديد خلال عشرة أيام من إتمام الانتخابات . وإذا استدعى الأمر اتخاذ إجراءات عاجلة ، فعلى رئيس الجمهورية دعوة المجلس للانعقاد ، لأن المجلس يعد قائماً ([35]) ، من ناحية ، ولأننا بصدد اختصاص استثنائى لا يجب التوسع فى تفسيره وتحديد ملوله ، من ناحية أخرى .

2- حجب مجلس النواب الثقة عن الحكومة للمرة الثانية على التوالى يفضى ،  لاعتبار المجلس منحلاً بقوة القانون ([36]) ، وعلى رئيس الجمهورية آنذاك الدعوة لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل ([37]) . وفى غضون تلك الفترة يعد هذا المجلس غير قائم، مما يمكن معه تفعيل رخصة اصدار لوائح ضرورة . وتتوقف تلك المكنة بمجرد اكتمال الانتخابات ، إذ يتعين دعوة المجلس للاجتماع ، واستصدار ما قد يلزم من تشريعات لمواجهة الأخطار الحادثة ، والتى تعجز القوانين القائمة عن السيطرة عليها .

3- موافقة البرلمان على سحب الثقة من رئيس الجمهورية ، وعدم الموافقة فى الاستفتاء على ذلك ، مما يُعد معه مجلس النواب منحلاً - وفقاً للمادة 161من الدستور - من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء بالرفض ([38]) ، وبناء عليه يدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس جديد خلال ثلاثين يوماً . وفى الفترة من الدعوة للانتخابات المبكرة وحتى اتمامها تتاح فرصة اصدار قرارات بقوانين حال الضرورة .

 ونعتقد أن النص لم يتسم بالإحكام الكافى من زاوية تقليل الفترة من اعتبار المجلس النيابى منحلاً وحتى إتمام الانتخابات ، فاعتبار المجلس منحلاً يفرض الدعوة لانتخابات المجلس الجديد فى اليوم التالى مباشرة . فالحاجة لوجود السلطة التشريعية مجسدة للإرادة الشعبية تقتضى ذلك وتستلزمه .

 وفى ختام بسط الفروض الجائز فيها لرئيس الجمهورية اصدار قرارات بقوانين الضرورة ، نتساءل عن إلزام رئيس الجمهورية بعرض تلك القرات على مجلس الوزراء .

من جانبنا لا نرى الحاجة لهذا العرض لسببين :

- الدستور الحالى خلا من نص مماثل لما وجد فى دستورى 1971 ،    2012 ([39]) يلزم رئيس الجمهورية بهذا العرض .

- الظروف التى تصدر فيها لوائح الضرورة ( الخطر الداهم ) تبرر تخطى بعض الشكليات ، ومنها العرض على مجلس الوزراء .

 وإذا كان العمل يجرى بهذا العرض ([40]) ، فإن إغفاله – فى اطار النصوص القائمة – لا يمس مشروعية القرارات بقوانين .

التساؤل الثانىرقابة البرلمان على لوائح الضرورة :

  تعرض قرارات بقوانين الضرورة على البرلمان ([41]) ، بحسبانه السلطة المختصة بالتشريع ، ليقرر موقفه منها .

 ويثير هذا العرض ثلاث نقاط :

1- توقيت العرض : توافقت الدساتير قبل 2012على عرض لوائح الضرورة على البرلمان فى أقرب وقت، فإذا كان المجلس النيابى قائماً يُدعى لاجتماع غير عادى فى غضون خمسة عشر يوماً، وفى حالة الحل تعرض تلك اللوائح فى أول اجتماع عقب إعادة تشكيله .

  ولم يشذ عن ذلك سوى دستور 1930 الذى قرر عرض المراسيم بقانون على البرلمان فى ميعاد لا يتجاوز الشهر، سواء عقب انتهاء العطلة، أو انعقاده عقب الانتخابات المبكرة .

  وجاء دستور 2012 ليقضى بعرض القرارات بقوانين، التى لا تصدر إلا فى غيبة مجلسى النواب والشورى، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقادهما ([42]) . وهكذا طبق على فرض غياب مجلسى البرلمان القاعدة التى كان معمولاً بها فى حالة اصدار لوائح الضرورة فيما بين أدوار الإنعقاد .

  واتفق مع هذا النهج الدستور الحالى الذى قرر عرض القرارات بقوانين الصادرة فى فترة عدم قيام مجلس النواب " خلال خمسة عشر يوماً من إنعقاد المجلس الجديد " .

 ولا نتفق مع هذا المسلك، فلوائح الضرورة تصدر الآن عند حل المجلس، وبالتالى فالقرارات تصدر وتنشر وتطبق أيضاً قبل زمن من انعقاد المجلس الجديد . ومن ثم من غير المفهوم منح السلطة التنفيذية مهلة على التراخى للإيداع ( خلال خمسة عشر يوماً ) . وكان الأجدر تحديد زمن قصير لذلك لا يتجاوز ثلاثة أيام، لا سيما للارتباط الذى جاء به النص بين الإيداع وإبداء البرلمان لرأيه ، على ما سيبين تواً .

 ومن البدهى أن يتم إيداع كامل نصوص القرارات بقوانين، لا مجرد كشف بها ([43])، ليتمكن البرلمان من رقابة القرارات بقوانين الصادرة فى غيبته رقابة حقيقية لا مظهرية، إنفاذاً لإرادة السلطة التأسيسية .

2- موعد إبداء البرلمان لرأيه : الغاية الأساسية من عرض قرارات بقوانين الضرورة تحديد البرلمان كمشرع أصيل موقفه منها بالرفض أو القبول .

 وجرى منهج الدساتير السابقة على عام 2014 بالنص على العرض، دون إلزام المجلس النيابى بحدود زمنية لبيان رأيه فى القرارات بقوانين محله ([44]) .

 وهكذا كان يتصور التزام المجلس النيابى الصمت حيال القرارات بقوانين لشهور وربما سنوات، وهو وضع يفرغ الرقابة البرلمانية من جل قيمتها، ومعظم جدواها .

 وفى محاولة لتطويق تلك الثغرة نص دستور 2014 على أن القرارات بقوانين " يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها ([45]) خلال خمسة عشر يوماً".[mk1] [mk2] 

 ومن الوهلة الأولى يتضح أن مسعى المشرع التأسيسى يفيض بالإشكاليات.

 فالمدة المحددة بخمسة عشر يوماً تتضمن فترة عرض السلطة التنفيذية للقرارات على المجلس النيابى، وبما أن النص لم يحدد مدة قيام السلطة التنفيذية بالعرض ، فهل يمكن إتمام هذه الخطوة قبل يوم أو يومين من الأجل المضروب نصاً  ؟

 هذا ما تميل إليه بعض الآراء الفقهية ([46]) .

 ولا نستطيع مجاراة هذا التحليل ، فحينما يًشرك الدستور أكثر من سلطة فى ذات العمل ، لا يجوز لإحداها أن تعيق الأخرى عن القيام بدورها، أو الوفاء بمسئوليتها. والقول بخلاف ذلك يجعل سلطة منشأة تتحكم فى إنفاذ الالتزام المقرر من السلطة المنشئة ، وهو ما لا يستساغ قانوناً أومنطقاً .

وعليه نرى ضرورة الايداع فى اسرع وقت ممكن، خاصة وأنه لا يوجد أى أعذار - على البيان السالف – كافية لإرجاء هذا الإجراء، أو التراخى فى القيام  به.

 ومن الأفضل تدخل المشرع التأسيسى لحسم هذا الأمر، بفصل العرض عن المناقشة وإبداء البرلمان للرأى ([47])، مع بيان نطاق زمنى واضح للسلطة التنفيذية لإيداع القرارات بقوانين ، وآخر يكفى لإبداء البرلمان الرأى عقب مناقشات مستنيرة ودراسات مستفيضة ([48]) .

  ولا تتوقف الإشكاليات حتى لو عرضت القرارات بقوانين فى اليوم الأول لانعقاد البرلمان ، ولكنها كانت من الكثرة بحيث تغدو الاستجابة للنص الدستورى بمناقشة النصوص المعروضة وإبداء الرأى فيها مسألة شكلية ، أقرب إلى مجرد تمرير هذه القرارات ، لا تحديد الموقف منها . وهذا ما حدث بالفعل حال انعقاد مجلس النواب الحالى فى دور إنعقاده الأول عام 2016، حيث تمت الموافقة على  341  قرار بقانون فى غضون الفترة الواردة فى المادة 156 من الدستور .

 وتقيد مجلس النواب بالمدة المحددة أفاد أنه أعتبر أنها إلزامية من الحتمى التقيد بها ، لا تنظيمية أى بمثابة دعوة للحث على سرعة ابداء الرأى .

 ولم تسنح الفرصة للمحكمة الدستورية العليا ([49]) للتطرق المباشر للمسألة، بسبب أن القرارات بقوانين التى صدرت تطبيقاً للمادة 156من الدستور عرضت على البرلمان ونوقشت وأعلن الرأى بشأنها بالرفض أو القبول فى غضون خمسة عشر يوماً .

 ولما كانت النصوص لا تصاغ فى فراغ، وانما لبلوغ غايات بعينها، فإننا نميل لتكييف المدة المقررة لإبداء البرلمان لرأيه كميعاد تنظيمى ، بما يُمكن المجلس النيابى من إعداد التقارير الخاصة بالقرارات المطروحة عليه بأناة وروية ، بما يسهم فى إثراء المناقشة حولها، وإتخاذ موقف منها على بصيرة لسلبياتها وبصراً بإيجابياتها .

 ولا يحاج فى ذلك بأن مكانة الدستور وقيمته تتأبى على فكرة المواعيد التنظيمية، فدستور 1971 قضى فى المادة 93 على انتهاء محكمة النقض من التحقيق فى طعون صحة العضوية  النيابية خلال تسعين يوما من احالتها إليها، وطوال تطبيق النص زهاء ثلاثة عقود أعلنت نتائج  تلك التحقيقات متجاوزة الميعاد المشار إليه، دون ثمة اعتراض، أو حتى مجرد تحفظ .

 واسفر تطبيق الدستور الحالى عن عدم الالتزام بالمواعيد الواردة فيه على غير صعيد . فقد قضت السلطة التأسيسية بأن يصدرالبرلمان تشريعًا للإدارة المحلية ([50])، وآخر لتنظيم ندب القضاة وأعضاء الهيئات القضائية ([51]) خلال خمس سنوات من نفاذ الدستور فى عام 2014 ، ولم ير هذا التشريع أو ذاك النور حتى الآن ، رغم تخطى المدة المثبته فى الدستور بسنوات .

 ولا مراء فى أن الحل الأنجع تنقيح المادة (156) من الدستور، على النحو السالف بسطه.

 ويتصل بما سبق التساؤل عما إذا كان البرلمان يبدى رأيه فى القرارات بقوانين من زاوية ملاءمة اصدارها ، أم  دستورية محتواها أيضاً ؟

بالاطلاع على تقرير اللجنة الخاصة حول القرار بقانون بشأن الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 يبين أن البرلمان يخضع القرار بقانون لميزانى الملاءمة ([52]) والدستورية ([53]) معاً ([54]) .

فمن زاوية الملاءمة انكر التقرير تحجيم دور النيابة الإدارية فى تحقيق المخالفات المالية ، وهو ما تترجمة الفقرة التالية : " ابتدع القانون معياراً جديداً لتحديد المخالفات المالية التى تختص النيابة الإدارية وجوبياً بالتحقيق فيها ، بالمخالفات التى يترتب عليها ضرر يتعذر اقتضاؤه من الموظف . وذلك بهدف تقليص اختصاص النيابة الإدارية فى هذا الصدد، دون مبرر مقبول أو سبب سائغ . وقد تذرع واضعو المشروع بأن ذلك التقليص بهدف تخفيف العبء عن النيابة الإدارية، التى لم يصدر عنها أية مطالبة بذلك من قبل، والتى تحمل وحدها دون غيرها أمانة التحقيق فى المخالفات المالية كاملة منذ عام 1983 وتصل نسبة إنجازها للقضايا 96 % سنوياً، الأمر الذى يلقى بالكثير من الشكوك حول دواعى هذا التعديل والرغبة الحقيقية من ورائه " .

وفى جانب تقدير الدستورية سجل التقرير ارتكاب القرار بقانون مخالفة من شقين :

- " نصت المادة الأولى من مواد الإصدار على استثناء بعض الجهات والمصالح والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية من الخضوع لهذا القانون ، وهو ما يخالف نصوص المواد 9 ، 14 ، 53 من الدستور، ويعد ذلك إهداراً للعدالة الاجتماعية، ومبدأ المساواة وعدم التمييز، وتكافؤ الفرص".

- " اغفل القرار بقانون مدى سريانه على العاملين ذوى الكادرات الخاصة الذين تنتظم شئونهم وتوظيفهم قوانين خاصة ، فيما لم تنص عليه هذه القوانين الخاصة . وذلك قصور يتنافى وطبيعة قانون الوظيفة العامة الذى يُعد الشريعة العامة لشئون الوظيفة العامة فى مصر، وهو ما يترتب عليه فراغ تشريعى بعد إلغاء قانون العاملين المدنيين بالدولة فى العديد من الموضوعات التى لم تنتظمها القوانين الخاصة " .

 والرقابة البرلمانية على هذا النحو تتسم بالشمول ، ولعل ذلك هو الذى يفسر بعض الأحكام ([55]) التى رفضت بسط رقابة قضائية على لوائح الضرورة  تجاور الرقابة البرلمانية وتلازمها .

 وانفساح مجال الرقابة البرلمانية لا يفيد فاعليتها ، لتأثرها بنوازع سياسية واعتبارات حزبية، مما لا مناص معه من اخضاع القرارات بقوانين لرقابة قضائية وفق ما سيرد فى حينه .

3- خيارات البرلمان وطبيعة القرارات الصادرة عنه :

أ) خيارات البرلمان: اكتفى دستور 1923 بالحديث عن رفض البرلمان للمراسيم بقوانين أو قبولها، دون إتاحة أى خيارات أخرى أمامه. وعلى المنوال ذاته سار دستور 1930 .

 ولم تتسع خيارات البرلمان إلا مع الدساتير الجمهورية ([56]) التى اجازت للمجلس النيابى ([57]) ، اعتماد نفاذ القرارات بقوانين فى الفترة الماضية ، أو تسوية ما ترتب على آثارها بوجه آخر، حال رفضها ([58]) .

 وقصارى القول أن البرلمان ليس بوسعه سوى القبول أو الرفض . وفى الحالتين التساؤلات لا تزال مستمرة .

 فحال قبول البرلمان للقرارات بقانون يطرح التساؤل حول أثر تلك الموافقة ، بمعنى آخر، هل تحول تلك الموافقة لائحة الضرورة إلى قانون ؟

 هذا ما خلص إليه البعض، فوفقاً لهذا الفهم فإن القرارات بقوانين " تنقلب إلى تشريعات عادية بمجرد مصادقة البرلمان عليها " ([59]) .

 على نقيض ذلك ترى المحكمة الدستورية العليا أن إقرار المجلس النيابى للقرار بقانون " لا يترتب عليه سوى مجرد استمرار نفاذه بوصفه الذى نشأ عليه كقرار بقانون دون تطهيره من العوار الدستورى الذى لازم صدوره كما أنه ليس من شأن هذا الإقرار فى ذاته أن ينقلب به القرار بقانون المذكور إلى عمل تشريعى جديد يدخل فى زمرة القوانين التى يتعين أن يتبع فى كيفية اقتراحها والموافقة عليها وإصدارها القواعد والإجراءات التى حددها الدستور فى هذا الصدد " ([60]) .

 ونحن أميل للرأى الأخير، وهو ما سيعالج بما يناسب المقام فى موضع لاحق.

 وأثيركذلك نصاب الموافقة على القرار بقانون المنصب على موضوع من الموضوعات المتعلقة بأحد القوانين المكملة الدستور، والمُتطلب لإجازتها موافقة 2/3 أعضاء المجلس النيابى ([61]) .

 يرى البعض لزوم استيفاء النصاب الخاص بالقوانين المكملة للدستور فى هذا الفرض ([62]) .

 ولا نشايع هذا الرأى ، فالمادة 131من الدستور التى تناولت الأغلبية المشددة لإصدار القوانين المكملة للدستور تنصرف للتشريعات بالمعنى الدقيق، فى حين أن لوائح الضرورة هى قرارات إدارية ، حتى بعد الموافقة عليها . ومن ثم لا يجوز سحب حكم المادة 131 على تلك القرارات .

 هذا من زاوية، ومن زاوية أخرى ، فإن عدم تضمن المادة 156 أغلبية خاصة حال الموافقة على القرارات بقانون يتعلق بأحد موضوعات القوانين المكملة للدستور، ترجح قصر الأغلبية الخاصة على فرض اصدار تلك القوانين من السلطة التشريعية فى الظروف العادية .

 وربما تبادر للذهن الاستفسار عن دور مجلس الشيوخ فى الموافقة على القرارات بقوانين المتعلقة بموضوع  يندرج فى مجال القوانين المكملة للدستور.

 فى تقديرنا ينتفى أى دور لمجلس الشيوخ فى القرارات بقوانين ، فالمادة 249 من الدستور، وفقاً لتعديل 2019، تقضى بأخذ رأى مجلس الشيوخ فى مشروعات القوانين العادية أو المكملة للدستور بناء على طلب مجلس النواب أو رئيس الجمهورية، والقرار بقانون ليس مشروعاً بقانون ، وبالتالى لا محل لأخذ الرأى بشأنه ([63]) .

 ومن التساؤلات أيضاً ، جواز اصدار قرار بقانون بأثر رجعى .

 انطلاقاً من أن القرارات بقوانين يمكنها التطرق لكافة المجالات التى يمكن للقانون تنظيمها ([64]) ألمح البعض إلى جواز إصدار قرار بقانون بأثر يرتد إلى الماضى ([65]) ، فى غير المواد الجنائية .

 وهذا التحليل فى تقديرنا محل نظر ، فالقرارات بقوانين تصدر لمواجهة خطر حال وجسيم ، والسماح بإصدارها بأثر رجعى يعنى سنها فى غير ضرورة، أى لخطر وقع وانقضى أو لم يحدث بعد، مما يوقعها فى حمأة عدم الدستورية.

 واتصالاً بما تقدم لا نرى جواز اصدار قرارات بقوانين تسرى عقب انتهاء الحالة التى استوجبت اصدارها، فتلك القرارات ترتبط برباط لا ينفك بحالة الضرورة وهى مؤقتة ([66]) بطبيعتها ، مما لا معدى معه من أن تزول بزوالها ([67]) .

  وحالة رفض القرارات بقوانين ليست أقل إثارة للتساؤلات .

  فهل يمكن أن يكون الرفض جزئياً ؟

 استناداً إلى أن البرلمان له إقرار القرار بقانون فى جملته ، فإن المنطق البحت يسمح بالموافقة الجزئية ، طبقاً لقاعدة أن من يملك الأكثر يملك الأقل، بيد أن ذلك مرهون  - بطبيعةالحال - بقابلية نصوص القرار بقانون للتجزئة .

  وللبرلمان حال رفض القرار بقانون أن يعتمد نفاذه فى الفترة الماضية، حرصاً على عدم زعزعة المراكز القانونية المتولدة عن القرار.

 وجلى أن النص لا يسمح باعتماد القرار بقانون بالنسبة للمستقبل ، لما يحمله ذلك من تخلى المجلس النيابى عن الاضطلاع بدوره ، فمن مسئولياته وضع القواعد التى تنظم العلاقات المستقبليه .

 وللبرلمان أيضاً تسوية ما ترتب على تطبيق القرار بقانون من آثار ([68])، كمنح تعويضات على سبيل المثال للمضارين من الرفض البرلمانى .

 طبق مجلس النواب هذا الخيار للمرة الأولى حينما رفض القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 بشأن الخدمة المدنية، مع اعتماد نفاذه فى الفترة من تاريخ القرار بقانون ( 12/3 / 2015 ) حتى قرار الرفض (20 / 1 / 2016 ) ([69]).

 وربما تُصور أن البرلمان بمكنته تعديل القرار بقانون المعروض على ساحته.

خلت المادة 156 من الدستور من التطرق لهذا الاحتمال ، وبالنظرللائحة مجلس النواب نقابل المادة 195 التى تقضى فى فقرتها الأولى بأن " تعتبر الاقتراحات التى يقدمها الأعضاء بتعديل بعض أحكام القرار بقانون اقتراحات بقوانين تتبع فى شأنها الإجراءات المنصوص عليها فى هذه اللائحة " .

وهذه الصياغة تعنى أن تعديل القراربقانون لا يتم بطريق مُباشر، وإنما بطريق غير مباشر، إن جار القول .

وهذا الوضع له صلة بدور المجلس بصدد القرارات بقوانين، وهو ما سنفصله تواً .

ب) طبيعة قرار البرلمان : تلح الحاجة للوقوف على طبيعة القرار الصادر من البرلمان فى خصوص القرارات بقوانين , وهل هو إجراء تشريعى أم عمل برلمانى . فالأول  يخضع للطعن بعدم الدستورية، فى حين أن الثانى يفلت عموماً من الرقابة ([70]) القضائية ([71]) .

والمستفاد من استصفاء الأحكام والنصوص أننا أمام عمل برلمانى لا تشريعى، وهو ما تبرهن عليه أكثر من حجة وغير دليل :

- إعلان المحكمة الدستورية العليا أن موافقة البرلمان على القرار بقانون لا تغير من طبيعته، إذ يظل كما كان قبل الموافقة عملاً إداريًا ([72]) .

- أشرنا منذ قليل إلى عدم جواز تعديل البرلمان للقرار بقانون المعروض عليه بطريق مباشر، ولو كنا بصدد عمل تشريعى لما قابلنا مثل هذا الحكم .

- حددت  المادة 121 من الدستور فى الفقرة الثانية نصاب الموافقة على القرارات، ومنها القرارات البرلمانية ، بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين.

 أما الموافقة على القوانين فتتطلب، وفق الفقرة التالية، أغلبية لا تقل عن ثلث أعضاء المجلس .

 وتأكيداً على أننا لسنا بصدد عمل تشريعى قضى عجز المادة 194 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على " أن يصدر قرار المجلس بعدم إقرار القرار بقانون بالأغلبية المطلقة للحاضرين " ([73])، أى الأغلبية المتعلقة بالقرارت لا الأعمال التشريعية .

- لا يخضع القرار بقانون فى حالة الرفض لاعتراض رئيس الجمهورية ، وفقاً لما ينص عليه الدستور بالنسبة للأعمال التشريعية .

وحتى فى حالة الموافقة على القرار بقانون ، لا يتم اصداره ، كإجراء متتم للعملية التشريعية ([74]) .

 وساير القضاء هذا التخريج ، حيث رفضت المحكمة الدستوية العليا النعى على قرار مجلس النواب رقم 1 لسنة 2016 برفض القرار بقانون بشأن الخدمة  المدنية لسنة 2015 بقولها : " وحيث أن اختيار مجلس النواب عدم إقرار القرار بقانون ، واعتماد نفاذه خلال الفترة السابقة ، لا يُعد – فى ذاته – عملاً تشريعياً مما يخضع للرقابة القضائية على دستوريته ،  التى تباشرها هذه المحكمة بمقتضى نص المادة ( 192 ) من الدستور، وإنما يُعد عملاً برلمانياً يتولاه مجلس النواب ، فى نطاق اختصاص محجوز للمجلس بتقدير عدم ملاءمة إقرار التشريع وإعتماد نفاذه خلال الفترة السابقة . كون ذلك يمثل جوهر الولاية التشريعية التى أؤتمن عليها ، بمقتضى نصى المادتين ( 101 ، 156 ) من الدستور، ومن ثم ينحل ذلك القرار إلى أداة برلمانية قائمة بذاتها ، تستقل فى طبيعتها ، وتنفصل فى تكييفها ، وتنسلخ فى قوامها ، عن الأحكام الإجرائية والموضوعية التى يتضمنها القرار بقانون ذاته ، مما لازمه أن يكون قرار مجلس النواب المشار إليه ، بمنأى عن الرقابة القضائية الدستورية ، نزولاً على مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها ، المنصوص عليه فى المادة (5) من الدستور .. " ([75]) .

التساؤل الثالث - رقابة القضاء لوجود الضرورة :

ينطوى هذا التساؤل على عنصرين :

أ) جهة الرقابة القضائية على لوائح الضرورة :

  ربما تردد أن الضرورة مسألة سياسية ، والرقابة عليها يتعين أن تباشرها جهة لها ذات الطبيعة ، ألا وهى البرلمان . وبإجراء البرلمان لرقابته ينغلق الباب أمام أى مراجعة أخرى ([76]) ، ولو كانت من جهة قضائية ([77]) .

 والتسليم بالطابع السياسى للضروة لا ينفى أن لها طابعاً قانونياً أيضا ، باعتبارها ضابطاً أساسياً للخروج على مبدأ الفصل بين السلطات ، بمنح السلطة التنفيذية سن أعمال لها قوة التشريعات البرلمانية  .

  وتختلف جهة الرقابة القضائية قبل إقرار القرار بقانون عنها بعد هذا الإقرار.

  فمنذ صدور القرار بقانون وحتى إعلان البرلمان الموقف منه ، يختص مجلس الدولة بالطعون التى توجه إليه ، باعتبار أننا أمام قرار إدارى ، عملاً بالمعيار العضوى ، المطبق للتمييز بين العمل الإدارى والعمل التشريعى ([78]).

 علماً بأن الرقابة فى هذا الفرض ستدور حول الجوانب الشكلية للقرار بقانون ([79]).

 أما إذا وافق البرلمان ([80]) على القرار بقانون ، فينتقل الاختصاص للقاضى الدستورى .

 وقد يبدوغريباً أن يتحول الاختصاص للقضاء الدستورى على إثر موافقة البرلمان ، رغم أن تلك الموافقة لا تغير من طبيعة القرار بقانون كعمل إدارى.

 إلا أنه بقليل من التمعن ، تنقشع أى سحابة من الغموض رانت على الموضوع . فالطعن على القرار بقانون بعد إقرار البرلمان سينصرف إلى مخالفته للدستور ([81]) ، لا للقانون ، لتمتعه بقوة القانون ، ورقابة مخالفة القوانين واللوائح للدستور تنفرد بها المحكمة الدستورية العليا ([82]) . 

ب) مدى الرقابة القضائية عموماً ولضابط الضرورة خصوصاً :

اسلفنا أختصاص القضاء الإدارى بالنعى على القرار بقانون قبل عرضه على البرلمان ، وحد تلك الرقابة التحقق من الجوانب الشكلية لاصدار هذه القرارات.

 ويتسع نطاق رقابة مجلس الدولة حال رفض البرلمان للقرار بقانون ، وتجريده بالتالى من قوة القانون ، مما يتيح للقاضى الإدارى التحقق من عدم مخالفة القرار لأى قانون ، التزاماً بمبدأ الشرعية وتدرج القواعد القانونية ، والتى تقبع فية اللائحة فى مرتبة أدنى من التشريعات البرلمانية .

 بيد أن الرقابة الأساسية هى التى تضطلع بها المحكمة الدستورية العليا ، لشمولها اتفاق القرار بقانون مع الدستور .

 والرقابة الدستورية ستنصب على الضوابط الشكلية لإصدارالقرار بقانون : مصدر القرار – توقيت العرض على البرلمان واصداره لقراره – توافر نصاب موافقة مجلس النواب على القرار .

 إلا أن أهم ضابط يتصدر الرقابة الدستورية على القرارت بقانون هو توافر الضرورة المبيحه لنهوض السلطة التنفيذية بالتشريع خروجاً على مبدأ الفصل بين السلطات .

 والمتتبع للقضاء الدستورى فى هذا الصدد يلمس عدم استقراره فى مدى رقابة الضرورة ، سواء فى ظل دستور 1971 ، أو  فى اطار الدستور الحالى .

1- الوضع فى دستور 1971 :

 ففى حكم للمحكمة الدستورية العليا عام 1985 ، وبعد أن أبانت أن الضرورة أحد الشروط الدستورية لرخصة اصدار القرارات بقوانين ، قضت بتخلفها كأساس لإصدار القرار بقانون موضوع الدعوى بقولها : " يبين من الأعمال التحضيرية التى استندت إليها الحكومة فى التعجيل بإصداره فى غيبة مجلس الشعب ، وتتمثل فيما أوردته مذكرته الإيضاحية من " أن القانونين رقم 25 لسنة 1920 ورقم 25 لسنة 1939 الخاصين ببعض أحكام الأحوال الشخصية قد مضى على صدورهما قرابة خمسين عاماً طرأ فيها على المجتمع كثيرمن التغييرالمادى والأدبى التى انعكست آثارها على العلاقات الاجتماعية الأمر الذى حمل القضاة عبئاً كبيراً فى تخريج الحوادث التى تعرض عليهم ، وقد كشف ذلك قصور فى بعض أحكام القوانين القائمة مما دعا إلى البحث عن أحكام الأحوال التى استجدت فى حياة المجتمع المصرى وذلك فى نطاق نصوص الشريعة دون مصادرة أى حق مقرر بدليل قطعى لأى فرد من أفراد الأسرة بل الهدف من المشروع هو تنظيم استعمال بعض هذه الحقوق .. " كما أنه عند عرض القرار بقانون على مجلس الشعب للنظر فى إقراره ، أوضح وزير الدولة لشئون مجلس الشعب عن ماهية الضرورة التى دعت إلى اصداره بقوله " ولاشك أن الضرورة تحتم استصدار قانون لتعديل الأحوال الشخصية ... وقد طال الأمد على استصدار هذه القوانين وطول الأمد واستطالة المدة هى حالة الضرورة ، بل هى حالة الخطورة فالأسرة المصرية تنتظر هذا الإصلاح منذ 1905 ، واللجان تنعقد وتتعثر أعمالها ولكن دون جدوى ولائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، والقانون اللذان يحكمان مجال الأسرة رقم 25 لسنة 1920 ورقم 25 لسنة 1929 كلاهما يحتاج إلى تعديل منذ صدورهما ، أى منذ عامى 1920 ، 1929 . أليس فى هذا كله مدعاة لضرورة يقدرها ولًى الأمر ليصدر قراراً ثورياً بإصلاح الأسرة ؟ لو ترك الأمر لاقتراح قرار بقانون أو مشروع بقانون وثارت حوله المناقشات وظل شهوراً وسنين فاين هى الحاجة التى تدعو إلى تحقيق إصلاح الأسرة بقرار ثورى مثل القرار بقانون المعروض .

" لما كان ذلك ، وكانت الأسباب السالفة البيان ، وحاصلها مجرد الرغبة فى تعديل قوانين الأحوال الشخصية بعد أن طال الأمد على العمل بها رغم ما استجد من تغييرات فى نواحى المجتمع وإن جاز أن تندرج فى مجال البواعث والأهداف التى تدعو سلطة التشريع الأصلية إلى سن قواعد قانونية جديدة أو استكمال ما يشوب التشريعات القائمة من قصور تحقيقاً لإصلاح مرتجى فإنه لا تتحقق به الضوابط المقررة فى الفقرة الأولى من المادة 147 من الدستور، ذلك أن تلك الأسباب – تفيد أنه لم يطرأ – خلال غيبة مجلس الشعب – ظرف معين يمكن أن تتوافر معه تلك الحالة التى تحل بها رخصة التشريع الاستثنائية التى خولها الدستور لرئيس الجمهورية  بمقتضى المادة 147 المشار إليها ومن ثم فإن القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 – إذ صدر استناداً إلى هذه المادة – وعلى خلاف الأوضاع المقررة فيها ، يكون مشوباً بمخالفته الدستور " ([83]).

وأكدت المحكمة موقفها من رقابة الضرورة فى حكم آخر بمناسبة الطعن على القرار بقانون رقم 154 لسنة 1981 بشأن احالة المخالفات للإجراءات المتخذة طبقاُ للمادة 74 من دستور 1971 لمحكمة القيم .

وتدليلاً على انتفاء الضرورة  كمحرك أساسى لمنح رئيس الجمهورية رخصة التشريع الاستثنائية أوضحت المحكمة : " وحيث يبين من الاطلاع على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1981 ، أنه قد صدر دون مذكرة إيضاحية تفصح عن الأسباب التى استندت إليها الحكومة فى التعجيل بإصداره فى غيبة مجلس الشعب ، إلا أنه عند عرض القرار بقانون المشار إليه على مجلس الشعب للنظر فى إقراره ، أبدى وزيرالدولة لشئون مجلس الشعب – على ما ورد بمضبطة الجلسة الثالثة للاجتماع غير العادى المعقودة فى 14سبتمبر سنة 1981 – أن رئيس الجمهورية قد أصدر ذلك القرار بقانون طبقاً للصلاحيات التى خولها له الدستور فى المادة 147 ، وأنه قد صدر لفتح باب التظلم أمام من شملتهم الإجراءات التى اتخذها رئيس الجمهورية طبقاً للمادة 74 من الدستور – وهو ما ردده أيضاً تقرير لجنة الشئون  الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب فى هذا الشأن – وكان ذلك وإن جازأن يندرج فى مجال البواعث والأهداف التى تدعو سلطة التشريع الأصلية إلى سن قواعد قانونية جديدة أو استكمال ما يشوب التشريع القائم من قصور تحقيقاً لإصلاح مرتجى، فإنه لا يصلح سنداً لقيام الضرورة المبررة لإصدار هذا القرار بقانون إذ لم يطرأ خلال غيبة مجلس الشعب ظرف يمكن أن يتوفر معه تلك الضرورة التى تبيح ممارسة سلطة التشريع الاستثنائية طبقاً للمادة 147 من الدستور، كما أن هذا القول – إن صح – كان يقتضى اللجوء إلى السلطة التشريعية لاستصدار قانون لتحديد الجهة القضائية التى تختص بالنظر فى التظلمات من الإجراءات التى تتخذها وفقاً للمادة 74 من الدستور إعمالاً للتفويض المخول للمشرع بمقتضى المادة 167 من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها " ([84]) .

 ومنهج المحكمة فى بحث توافر الضرورة  نلمسه كذلك فى الأحكام التى أقرت بتحققها ، وهو ما يستخلص من حكمها بشأن القرار بقانون رقم 141 لسنة1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة ، إذ انتهت إلى أن اصدار هذا القرار بقانون نتج عن أن " القضاء الإدارى توالت أحكامه باعتبار قرارات فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين استناداً إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارىء باطلة ومعدومة الأثر قانوناً . وأن مؤدى هذه الأحكام والأثر المترتب عليها ، أن ترد عيناً لهؤلاء الأشخاص كل ما خضع لتدابير الحراسة الباطلة من أموال وممتلكات ، وقد صدرت بذلك فعلاً بعض الأحكام من القضاء العادى ، الأمر الذى اقتضى الإسراع بالتدخل التشريعى حسماً للمنازعات التى كانت قائمة وتجنباً لإثارة منازعات جديدة ولمواجهة ما قد يترتب على استرداد بعض الأموال والممتلكات عيناً من الحائزين لها من آثار خطيرة تمس بعض الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومن ثم فإن رئيس الجمهورية إذ أصدر القرار بقانون المطعون عليه فى تلك الظروف يكون غير متجاوز حدود سلطته التقديرية طبقاً للمادة 147 من الدستور، ويكون النعى على ذلك القرار بقانون بمخالفة هذه المادة على غير أساس جديراً بالالتفات عنه " ([85]) .

ويستفاد مما سلف نتيجة من شقين :

- تدقق المحكمة فى استنباط توافر الضرورة أو تخلفها ، باعتبارها عصب القرارات بقوانين الصادرة استناداً للمادة 147 من دستور 1971 ، المقابلة للمادة 156من الدستور القائم .

- الإصلاح التشريعى الناجم عن طول أمد نفاذ بعض التشريعات ، وإن كان من بواعث قيام المجلس النيابى بسن قواعد تتمشى مع التغيرات الحادثة ، إلا إنه لا يولد حالة الضرورة .

وظل هذا النهج مستقراً حتى عام 2002 ، حيث جرى الطعن على القرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 ([86] ) الصادر فى 10يوليو 1998 مقيداً الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا ، لا سيما فى المجال الضريبى ، والذى صدر بتاريخ 13 يونيو 1998 ، أى بعد أقل من شهر من انفضاض دور الانعقاد فى 13 يونيو 1998 .

 وفى معرض رفضها مطعن عدم دستورية القرار بقانون لإنتفاء الضرورة أعلنت المحكمة أن التعديل " تغيا مواجهة تداعيات إطلاق الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى غير المسائل الجنائية ، على ضوء ما تكشف من صعوبات متعددة فى مجال التطبيق أبرزها الإخلال بمراكز قانونية طال استقرارها زمناً . وحرصاً على تلافى هذه التداعيات وتحقيقاً للموازنة بين متطلبات الشرعية الدستورية واعتبارات استقرار المراكز القانونية فى المجتمع ، فقد رؤى المبادرة بالتدخل التشريعى المذكور لمواجهة أية آثار تمس الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، وتواكب هذا مع زيادة الحاجة إلى تخويل المحكمة الدستورية العليا سلطة تقدير الأثر الرجعى لبعض أحكامها تقديراً لظروف خاصة تحيط بطائفة مما تنظره من دعاوى دستورية . وإذا كان تقدير قيام الضرورة لا يخضع لمعيار ثابت ، وإنما يتغير بتغير الظروف، وكانت الظروف قد اقتضت الإسراع بإصدار القرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 لضرورات ملحة قوامها تحقيق توازن بين مصالح اقتصادية جوهرية للمجتمع واعتبارات العدالة ، ومن ثم يكون رئيس الجمهورية إذ أصدر التشريع المذكور لم يجاوزسلطته فى هذا الصدد " ([87]) .

 وسبق أن أبنا أن هذا الحكم لم يُعمل قضاء المحكمة السابق ومفاده أن التغييرات التى تطرأ لتعديل نص قانونى لا توفر حالة الضرورة ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، تحاشت المحكمة التطرق لوقوع أحداث طرأت فى الفترة من فض دور الانعقاد حتى صدور القرار بقانون  ( وقوامها أيام معدودات ) منتجة لحالة ضرورة . من هنا رأينا فى حينه أن هناك تحولاً فى تقدير المحكمة للضرورة ، حيث بات هذا التقدير أقرب للشكل منه للمضمون ([88]) .

وبأفول عصر دستور 1971 بفعل ثورة 2011 ، تُرقب موقف القاضى الدستورى من رقابة ضابط الضرورة فى الدستور الحالى ، لا سيما أن هذا الدستور اعتمد فلسفة التضييق من السلطة الاستثنائية لرئيس الجمهورية فى التشريع ، بإلغاء اللوائح التفويضية ، وكذا المادة 74 المقابلة للمادة 16 من الدستورالفرنسى ، وتقليص نطاق لوائح الضرورة المقررة بالمادة 156 من الدستور .

 وبمطالعة أول تطبيق للمادة 156 من الدستور المنصب على القرار بقانون رقم 14 لسنة 2014 بتنظيم شئون أعضاء المهن الطبية العاملين بالجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان من غير المخاطبين بقوانين أو لوائح خاصة ، سنلمس عودة المحكمة لنهج التدقيق فى توافر حالة الضرورة ، وهو ما تُعبر عنه السطور التالية : " وحيث إن حالة الضرورة التى يجوز بمقتضاها لرئيس الجمهورية اصدار قرارات بقوانين – وطبقاً للشطر الثانى من المادة (156 ) من الدستور – انما ينضبط مفهومها  بالتماهى مع الاحتياجات التى يوجبها صون مقومات المجتمع الأساسية ، وتتقيد حدودها التى ترتبط بمسئولية الدولة قبل مواطنيها ، وتلتزم تخومها بضمان سير المرافق العامة على نحو يتوخى الصالح العام . ويقارنها حتماً الاستجابة لما تمليه الاستحقاقات الدستورية فى الدولة المدنية . وذلك كله بمراعاة أن تتخذ التشريعات الصادرة فى ظل حالة الضرورة من كفالة الحقوق والحريات العامة سياجاً لأهدافها ، ومن سيادة القانون ملاذاً يعصمها عن الخروج على مقتضيات الشرعية الدستورية ، ولا يعزب عن نظر أن تحقق حالة الضرورة تلك مع لزوم ما نقدم من ضماناتها رهن بوجود واقع دستورى مؤقت ينشأ عن كون السلطة التشريعية – غير قائمة – مهما كان سبب ذلك أو مدته -، فلا يكتمل فى غيبتها البناء الدستورى لنظام الحكم بالمفهوم الموافق لأحكام الباب الخامس من الدستور . مما يستنهض تدخلاً استثنائياً من رئيس الجمهورية ، باصدار قرارات بقوانين تلازمها شرعية دستورية مؤقتة ، حتى تخضع لرقابة مجلس النواب الجديد ، فى المواعيد المقررة فى نص المادة (156 ) من الدستور، ولا يحول إقرارها منه ، دون خضوعها لرقابة قضائية على دستورية الأوضاع الشكلية ، والأحكام الموضوعية للقرارات بالقوانين ، وليغدو التنظيم الدستورى لإصدار رئيس الجمهورية قرارات بقوانين – وفق السياق الفائت بيانه – محققاً الفصل  بين سلطات الدولة  ، مقيماً التوازن بينها ضامناً قواماً ديمقراطياً لنظام الدولة، وذلك على ما تجرى به أحكام المادتين (1 ، 5 ) من الدستور ذاته ".

 وأعقب ذلك استعراض المحكمة لتقرير اللجنة البرلمانية  التى أعدت تقريراً عن الموضوع للبرلمان : " وحيث إن البين من مطالعة تقرير لجنة الشئون الصحية والبيئية لمجلس النواب المعقودة فى 13 من يناير سنة 2016 – المنوط بها مناقشة القرار بقانون المشار إليه – أن فلسفته وأهدافه قوامها رعاية مصالح المخاطبين بأحكامه . وقد أورد التقرير فى هذا السياق ما نصه " ان بعض المهن الطبية ، وعلى الأخص المهن المعاونة لها ، لم تصدر بشأنها قرارات تنظيم الشئون الوظيفية لمزاولتها ، كما أن الأجور والمزايا المالية التى يتلقاها أعضاء هذه المهن لا تتناسب مع أعباء مسئوليتهم ، خاصة إذا ما قورنت بالأجور والمزايا المالية التى يحصل عليها أقرانهم بالقطاع الخاص أو الجهات  التى ينظم شئونها قوانين ولوائح خاصة ، فى الوقت الذى تتضاءل فيه القيمة السوقية للأجور التى يحصلون عليها . وتزداد إغراءات العمل غير الحكومى سواء كان المحلى أو الخارجى ، مما يقتضى إعادة النظر فى المعاملة المالية لهذا القطاع من قطاعات الدولة ، مما يشجع على استقرار العاملين به فى البقاء بمواقعهم وعدم الاستجابة للإغراءات التى يلوح بها القطاع الخاص ، لا سيما وأن السياسة العامة للدولة تتجة إلى تطوير القطاع الصحى وتحسين الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين ، ولن ينهض هذا القطاع إلا بتوفير الرعاية المادية والمعنوية المناسبة للعاملين الذين هم العمود الفقرى لتقديم خدمة صحية ذات جودة عالية " .

 وخلصت المحكمة إلى أنه : " متى كان ذلك ، وكان ثبوت تدنى المعاملة المالية لأعضاء المهن الطبية للعاملين بالجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان من غير المخاطبين بقوانين ولوائح خاصة ، قبل صدور القرار بالقانون المشار إليه ، فى ظل عدم اكتمال البنيان الدستورى للدولة وقتئذ ، وفى غيبة رئيس جمهورية منتخب وعدم وجود حياة نيابية ، لعدم انتخاب مجلس النواب القائم على  شئون السلطة التشريعية الأصلية . فقد كان من شأن اجتماع هذه الظروف الاستثنائية التى ألمت بالبلاد ما أوجب على رئيس الجمهورية المؤقت الإسراع فى اصدار القرار بقانون المشار إليه، ايقاناً بحلول خطر جسيم هدد سير المرافق الصحية الحكومية، على نحو كان معه التراخى فى مواجهته يعد إخلالاً من الدولة بالتزامها الدستورى بالرعاية الصحية المتكاملة للمواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية لقطاع منهم بما يضمن حياة كريمة لهم. ومن ثم يكون اصدار رئيس الجمهورية المؤقت القرار بقانون رقم 14 لسنة 2014 المشار إليه، قد التزم ضوابط حالة الضرورة المعدودة قيداً أولياً على مباشرة رئيس الجمهورية اختصاصه الاستثنائى بإصدار قرارات بقوانين " ([89]) .

 ولم يستمر هذا النهج طويلاً ، إذ عرض على المحكمة دستورية القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 بشأن الخدمة المدنية ، من زاوية مظنة صدوره فى غير ضرورة .

 وكانت المفاجأة أن المحكمة فندت المثالب الأخرى المثارة فى الدعوى  دون تطرق على أى نحو للنعى الأساسى المتجسد فى قيام الضرورة من عدمه ([90]).

 علماً بأن ما سُطر فى مذكرة  اللجنة البرلمانية الخاصة عن هذا القرار بقانون من أسباب لرفضه تكشف أن الداعى الرئيس لسنه هو محاولة اصلاح أحوال الجهاز الإدارى للدولة ، حيث نطالع : " فى إطار سعى الجميع نحو طرح رؤى جديدة متطورة للإرتقاء بالوظيفة العامة ، جاء قانون الخدمة المدنية الجديد رقم 18 لسنة 2015 الصادر بتاريخ 12 مارس لعام 2015 .

  " إلا أن القراءة الدقيقة والمتأنية لنصوص القرار بقانون تكشف عن أن الفلسفة التى دار حولها القانون هى أن العاملين بالجهاز الإدارى للدولة هم المسئولون عن ترهل الجهاز .

 " لذا جاءت معالجة الخلل فى الجهاز الإدارى بعيداً عن جوهره ، حيث ركز القرار بقانون على العاملين ومشكلاتهم بعيداً عن السياسات وضرورة تصحيحها ، وهو ما أغفله القرار بقانون المطروح .. " .

 وهذه العبارات تفيد أن الحاجة لتطوير نظم الوظيفة العامة هى الباعث الأقوى لإصدار القرار بقانون المار ذكره ، ومن المستقر قضاءً أن هذا الإعتبار- على القول السالف - لا يُشكل حالة من حالات الضرورة .

 يعضد ذلك أن قانون الخدمة المدنية التالى رقم 81 لسنة 2016 عالج المساوئ التى طالت القرار بقانون ودفعت البرلمان لرفضه، والمفصلة فى تقرير اللجنة البرلمانية الخاصة ([91]) ، وفى صدارتها إقرار حق الرد على

التظلم من تقريرالأداء ، وخفض نسب الترقية بالاختيار ([92]) .

 لقد كان فحص توافر الضرورة كشرط أولى للرخصة الاسثنائية بإصدار القرارات بقانون ، إذا خُلص لانتفائه ، يزيح عن كاهل المحكمة بحث العديد من المسائل كحدود رقابة الدستورية ، وطبيعة قرار البرلمان بخصوص القرارات بقوانين المعروضة عليه .

أما فى حالة التأكد من وجود الضرورة ، فإن بيان أماراتها وشواهدها كان يفى بدور القضاء فى تحديد هذا الضابط المتعذر وضع تعريف تشريعى له ، ومن ثم لا مفر من التعويل على الاجتهادات الفقهية والقضائية للوقوف على أهم جوانبه ، وأبرز أبعاده .

وفى عبارة وجيزة أن القضاء الأخير للمحكمة الدستورية العليا أضاف تساؤلاً إلى قائمة التساؤلات المتولدة عن صياغة المادة 156 من الدستور، بدلاً من الحد منها  وخفض عددها .

 وربما قيل إن عدم إقرار البرلمان للقرار بقانون المطعون عليه هو الدافع لهذا الموقف من قبل المحكمة الدستورية العليا . والواقع أن إلغاء القانون لا يحول دون بحث دستوريته ([93]) . فهذا الإلغاء لا ينفى أن هناك من أًضير منه حال نفاذه ، ومن مصلحته طرح أمر دستوريته .

كلمة تعقيبية :

 تغيا نص المادة 156 الحد من سلطة رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات بقوانين حال الضرورة ، إلا أن تلك الغاية زاغت فى خضم التفاصيل.

 هذا من جانب، ومن جانب آخر، خان واضع النص التوفيق فى عدم التناسق بين هذا النص ونصوص أخرى ترتيط معه بوشائج  متينة كإجراء الانتخابات عند حل البرلمان ، مما بدت معه المادة 156 من الدستور كما لو أنها جزيرة منعزلة، لتضيع الوحدة العضوية لذات الموضوع .

 وصفوة القول أن المادة 156 من الدستور أجابت عن بعض التساؤلات التى طرحت فى الماضي، ولكنها فى مسعاها هذا خلفت تساؤلات تفوق ما تم حسمه.

 

الهوامش:

 

[1])) لا يجوز تأجيل انعقاد البرلمان إلا بنص صريح فى الدستور ، وهو ما قضت به المادة 39 من دستور 1923 بنصها على أن " للملك تأجيل انعقاد البرلمان ، على أنه لا يجوز أن يزيد التأجيل على ميعاد شهر ولا أن يتكرر فى دور الانعقاد الواحد بدون موافقة المجلسين " .

[2])) فى بيان ذلك أوضح البعض أن " المقصود بعبارة " ما بين أدوار الإنعقاد " هو العطلة العادية السنوية التى تتخلل دورى انعقاد متتابعين . وذلك واضح من استعمال كلمة " أدوار " فى صيغة الجمع مما يدل على أن الفترة المقصودة واقعة بين دورين من أدوار الانعقاد أحدهما انتهى والثانى قادم . أما فترة التأجيل فهى ليست بين أدوار الانعقاد؛ لأنها تقطع دور الانعقاد للبرلمان الواحد . وعندما ينعقد البرلمان بعد هذه الفترة فأنه يتم الدورة نفسها ولا يعتبر فى دور انعقاد جديد ، وليس أدل على ذلك من أن البرلمان يطيل دورته فى هذه الحالة مدة مساوية لمدة التأجيل التى لم يجتمع فيها " .

السيد صبرى – مبادىء القانون الدستورى – 1949 – ص 479 – 480 .

[3])) انظر السيد صبرى – المرجع السابق – ص 481 .

[4])) المادة 41 من دستور 1930 .

[5])) حرى بالذكر أنه أُعيد العمل بدستور 1923 بالأمر الملكى رقم 118 لسنة 1935 .

[6])) وفقاً للمادة 3 من الأمر الملكى رقم 67 لسنة 1934 " إلى أن ينفذ الأمر الملكى بوضع النظام الدستورى الذى يحل محل النظام المشار إليه فى المادة الأولى نتولى نحن السلطة التشريعية والسلطات الأخرى التى خُص بها البرلمان حتى الآن كما نتولى السلطة التنفيذية . ونباشر هذه السلطات المختلفة بواسطة مجلس وزرائنا ووزرائنا وعلى مسئولياتهم .. " .

[7])) من تبعات ذلك جواز اصدار مراسيم بقوانين بأثر رجعى ، وفى هذا تقول المحكمة العليا (المحكمة الدستورية العليا حالياً ) أن " الإعلان الدستورى الصادر فى 10 من فبرايرسنة 1953 قد صدر عقب قيام الثورة لتنظيم الحكم أثناء فترة الانتقال من نظام الحكم الملكى إلى النظام الجمهورى ، ولئن خلا هذا الإعلان من نص يخول مجلس الوزراء الذى عهد إليه ممارسة السلطة التشريعية رخصة إصدارالقوانين بأثررجعى فمرد ذلك أن الشارع قد راعى مقتضيات الضرورة فى أعقاب الثورة فأصدر الإعلان فى نصوص محدودة موجزة لا تتجاوز أحد عشر نصاً يتضمن تنظيم السلطات فى فترة الانتقال تنظيماً مجملاً موقوتاً حتى يتم إعداد نظام دستورى ديمقراطى كامل يُعمل به عقب إنقضاء هذه الفترة ، وقد نظم الإعلان فيما نظم السلطة التشريعية فعهد بها إلى مجلس الوزراء دون تفصيل لحدود هذه السلطة وضوابطها فما كان المقام يتيح ذلك التفصيل ، ولا يعنى خلو الإعلان من النص على تخويل مجلس الوزراء رخصة التشريع بأثر رجعى أن الشارع قصد إلى العدول عنها فقد خلا الإعلان كذلك من الأصل الدستورى العام المقرر بشأن عدم رجعية القوانين والذى ترد الرخصة المذكورة استثناء عليه ، وبذلك خلا من القاعدة الاستثنائية كما خلا من القاعدة العامة وذلك اكتفاء بما جاء فى الإعلان الدستورى الأول الصادر فى 10 من ديسمبر سنة 1952 من التزام الحكومة التى تتولى السلطات أثناء فترة الإنتقال بالمباىء الدستورية العامة " .

المحكمة العليا ( المحكمة الدستورية العليا حالياً ) – 7 / 6 / 1975 – مجموعة الأحكام – ج1 – ص 314 .

[8])) غالباً ما يستخدم تعبير الإنقلاب الدستورى ، للحديث عن ايقاف العمل ببعض نصوص القانون الأساسى ، وبالذات تلك المتعلقة بالحياة النيابية، بدون نص يجيز هذا الإجراء . ولكننا نفضل تعبير الانقلاب على الدستور ، لما فيه من دلالات أوضح لمخالفة الدستور والقفز على أحكامه .

[9])) للسبب المنوه عنه أعلاه يصعب مجاراة الرأى القائل باعتبار ما يصدر حال الانقلاب على الدستور من قبيل لوائح الضرورة ويخضع لنظامها ، سيما العرض على البرلمان عند عودته .  أنظر : يسرى العصار – نظرية الضرورة فى القانون الدستورى والتشريع الحكومى فى فترات إيقاف الحياة النيابية - 1995   – ص 68 – 69 .

[10])) انظر : سامى جمال الدين – لوائح الضرورة وضمانة الرقابة القضائية – 1982 – ص 79 .

[11])) على سبيل المثال خلا الإعلان الدستورى الصادر عقب ثورة 1952 من أى إشارة لعرض ما يصدر عن مجلس الوزراء الذى عهد إليه بالتشريع ( المادة 9 من الإعلان الدستورى الصادر 10 فبراير 1953) ، من عرض الأعمال التشريعية على البرلمان عند تشكله .

وفى تأكيد عدم الحاجة للعرض فى هذا الفرض أنظر حكم المحكمة العليا ( المحكمة الدستورية العليا الآن ) – أول أبريل 1987 – سبق ذكره  .

[12])) وفقاً للمادة من المرسوم الملكى رقم 27 لسنة 1934 " تعرض المراسيم بقوانين التى تصدر طبقاً لأمرنا هذا على البرلمان الجديد فى دور إنعقاده الأول ، فان لم تعرض بطل العمل بها فى المستقبل " .

[13])) انظر ما سيلى .

[14])) المادة 135 من دستور 1956 .

[15])) المادة 53 من دستور 1958 ، ومن الملاحظ استخدام النص عبارة غياب المجلس ( مجلس الأمة ) ، وهى من السعة بحيث تشمل فترة العطلة البرلمانية ، أو حالة الحل .

[16])) المادة 135 من دستور 1964 .

[17])) يستفاد ذلك من الفقرة الثانية من دستور 1971 ، والتى حددت مواعيد عرض لوائح الضرورة حال وجود المجلس ( العطلة البرلمانية – وقف الجلسات )  ، أو عند غيابه لداعى الحل . وقد سُطرت كلماته كالتالى  : " ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائماً ، وتعرض فى أول اجتماع له فى حالة الحل أو وقف جلساته ، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون دون حاجة إلى اصدار قرار بذلك ، وإذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون ، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب على آثارها بوجه آخر " .

[18])) انظر : عمر حلمى – الوظيفة التشريعية لرئيس الدولة فى النظامين الرئاسى والبرلمانى - 1993 – ص 540 ، وقريب من ذلك ما ورد فى مؤلف سليمان الطماوى  - القرارات الإدارية – 1976 – ص 514 ، من أن اصطلاح الغيبة " يشمل كل حالة لا يكون المجلس فيها موجوداً لأى سبب من الأسباب ".

وفى نقد هذا التفسير انظر مؤلفنا المعنون القانون الدستورى- الكتاب الثانى – 2000 – ص 596 ، والمراجع المشار اليها فى هذا الموضع .

[19])) وصفاً للإسراف فى اصدار لوائح الضرورة من غير مقتضى أوضح البعض : " تحولت تشريعات الضرورة إلى فوضى دستورية تتمتع فيها السلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الجمهورية بحرية  فى التشريع .. " . شعبان أحمد رمضان – المرجع السابق – ص65 .

[20])) فى تطبيقات ذلك فى اطار الدساتير السابقة على دستور 1971 انظر : أحمد مدحت على – نظرية الظروف الإستثنائية – 1978 – ص 71- 72 .

وفى ظل دستور 1971 راجع مؤلفنا  المعنون القانون البرلمانى – 2006 – ص 467 - 470 .

ولم ينجُ الدستور الحالى من هذه النقيصة ، ففى الفترة من إقرار الدستور فى يناير 2014 وحتى إجراء الانتخابات البرلمانية واجتماع مجلس النواب فى يناير 2016 ، أُضيف للنظام القانونى  242 قراراً بقانون .

[21])) نصت المادة 128 من دستور 2012 على أن " يشكل مجلس الشورى من عدد لا يقل عن مائة وخمسين عضواً ، ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر ، ويجوز لرئيس الجمهورية أن يعين عدداً لا يزيد عن عُشر عدد الأعضاء المنتخبين " .

[22])) الماة 113 / 1 من دستور 2012 .

[23])) لمزيد من التفاصيل انظر مؤلفنا المعنون ثلاث قضايا برلمانية للمناقشة – 2019 – ص 19 – 20 .

[24])) وفقاً للمادة 127 من دستور 2012 " لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا بقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب ، ولا يجوز حل المجلس خلال دور انعقاده السنوى الأول ، ولا للسبب الذى حل من أجله المجلس السابق .

" ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يوماً على الأكثر .. " .

[25])) فى هذا المعنى :  شعبان أحمد رمضان -  الضوابط الدستورية لسلطة رئيس الجمهورية فى اصدار القرارات بقوانين طبقاً للدستور المصرى لعام 2014 – دراسة تحليلية نقدية للمادة 156 من الدستور -  مقال – مجلة البحوث القانونية والاقتصادية – أغسطس 2019 – ص 7 - 8 .

[26])) رمزى الشاعر – النظام الدستورى المصرى – 2019 – ص 1256 .

[27])) قرب رمزى الشاعر – المرجع السابق – ص 1271 هامش (1) حيث جاء : "  أن الزام رئيس الجمهورية بعدم اصدار قرارات بقوانين فيما بين أدوار انعقاد مجلس النواب ، وإن كان يحقق رقابة فعالة من صاحب الاختصاص الأصيل فى التشريع ( مجلس النواب ) على القرارات بقوانين قبل اصدارها ، وهو ما يكفل ضمانات أكبر لحماية الحقوق والحريات ، إلا أن الدستور لم يضع قيداً زمنياً على المجلس ليصدر قراره بشأن القرار بقانون المقترح من رئيس الجمهورية ، إذ يمكن لدور الإنعقاد غير العادى المدعو إلى الإنعقاد فى هذه الحالة أن تطول مدته ، ويتأخر بذلك اصدار القرار بقانون مما قد يضر بأمن الوطن ، خاصة أنه لا يجوز وفقاً للدستور أن يصدر القرار بقانون إلا لمواجهة ظرف استثنائى لا يحتمل التأجيل . ولذلك فإننا نرى أنه كان من الأفضل أن يبقى نص ( غيبة البرلمان ) كما هو ، بحيث يجوز لرئيس الجمهورية اصدار قرارات بقانون فى الفترة بين أدوار الإنعقاد ، وكان يمكن فى هذه الحالة أن ينص على أن يدعى مجلس النواب فوراً لإنعفاد غير عادى خلال يوم أو يومين ليبدى رأيه فى شأنها خلال فترة وجيزة جداً ، ويكون بذلك قد أجرى رقابته على هذه القرارات بقوانين فى زمن قليل .. " . 

[28])) كان دستور 1971 يتضمن نصاً مناظراً ( المادة 92) وقدر البعض أنه من المتصور " انتهاء آخر أدوار انعقاد البرلمان القديم قبل انتهاء مدته بأكثر من ستين يوماً بحيث تتم إجراءات انتخاب المجلس الجديد فى فترة العطلة السنوية للمجلس القديم ، فهذه الفترة تعتبرفترة ما بين فصلين تشريعيين " ، مما يجيز اصدار لوائح ضرورة فى هذا الفرض .

سامى جمال الدين – المرجع السابق – ص80 .

ويركز هذا التحليل على عدد أدوار الإنعقاد ، فى حين أن المعول عليه هو مدة المجلس طبقاً للدستور والمحددة بخمس سنوات .

[29])) وفقاً للمادة 116 " يجوزانعقاد مجلس النواب فى اجتماع غير عادى لنظر أمر عاجل ، بناء على دعوة من رئبس الجمهورية ، أو طلب موقع من عُشر أعضاء المجلس على الأقل " .

[30])) المادة 106 / 1 من الدستور .

[31])) من أنصار هذا الرأى : رمزى الشاعر – المرجع السابق –  1258 .

[32])) قد ترجع تلك النتيجة إلى بدء العملية الانتخابية فى وقت متأخر ، أو صدور عدة أحكام ببطلان الاقتراع فى دوائر عديدة ، ومن ثم وجوب إعادته فيها .

[33])) وفقأ للنص المشار إليه " تجرى الانتخابات العامة لتجديد مجلس النواب فى خلال الستين يوماً السابقة لانتهاء مدة نيابته وفى حالة عدم تمكن إجراء الانتخابات فى الميعاد المذكور فإن مدة المجلس القديم تمتد لحين الانتخابات المذكورة " .

[34])) وفقاً للمادة 137 من الدستور " لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة وبقرار مسبب ، وبعد استفتاء الشعب ، ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذى حل من أجله المجلس السابق .

"ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس ، وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يوماً على الأكثر ، فإذا وافق المشاركون فى الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة ،أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل ، ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ صدور القرار . ويجتمع المجلس الجديد خلال الأيام العشرة التالية لإعلان النتيجة النهائية " .

[35])) من هذا الرأى : رمزى الشاعر – المرجع السابق – ص 1259 .

عكس ذلك – شعبان أحمد رمضان – المرجع السابق – ص 43 ، حيث يتجة هذا الجانب من الفقه إلى أن مدة العشرة أيام التى  يجب أن يدعى فيها المجلس النيابى للانعقاد عقب انتهاء الانتخابات المبكرة تندرج ضمن مدة عدم قيام المجلس ، دون بيان أى اسانيد لذلك .

[36])) تنص الفقرة الأولى من المادة 146 من الدستور " يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء ، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب ، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر ، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب ، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً ، عُد المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل " .

[37])) قرار رئيس الجمهورية ليس منشئاً ، وإنما مجرد إجراء أو قرار تنفيذى ، ولذا لم يكن الشارع موفقاً بالنص على بدء مدة الستين يوما من تاريخ صدور قرار الحل ، لأن هذا الحل تحقق بمجرد الرفض الثانى لمنح الثقة بالحكومة .

[38])) وفقأً للمادة 161 من الدستور " يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية ، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل ، وموافقة ثلثى أعضائه . ولا يجوز تقديم هذا الطلب لذات السبب خلال المدة الرئاسية إلا لمرة واحدة .

" وبمجرد الموافقة على اقتراح سحب الثقة ، يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى استفتاء عام ، بدعوة من رئيس مجلس الوزراء ،فإذا وافقت الأغلبية على قرار سحب الثقة ، يُعفى رئيس الجمهورية من منصبه ويعد منصب رئيس الجمهورية خالياً ، وتجرى الانتخابات الرئاسية المبكرة خلال ستين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء وإذا كانت نتيجة الاستفتاء بالرفض، عُد مجلس النواب منحلاً ، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس جديد للنواب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الحل " .

[39])) نصت المادة 138 من دسنور 1971 وفقاً لتعديل 2007 على أن يباشر رئيس الجمهورية بعض سلطاته ومنها الوارة فى المادة 147 بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء .

وقضت المادة 141 من دستور 2012 على أن يتولى رئيس الجمهورية اختصاصاته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ، عدا بعض الاستثناءات التى ليس من من بينها لوائح الضرورة الوارة فى المادة 131 .

[40])) انظر: رمزى الشاعر – المرجع السابق –  ص 1253وما بعدها .

[41])) أغنتنا المادة 156 عن بيان حكم عدم العرض بالنص على أن تخلف هذا الإجراء مؤداه زوال قوة القانون بأثررجعى عن القرارات بقوانين الصادرة بالإستناد اليها ، " دون حاجة لإصدار قرار بذلك " . ويسرى هذا الحكم على العرض الذى يجرى بعد انقضاء المدة المحددة بالنص . ونقابل ذات النتيجة فى الدساتير السابقة ، عدا دستور 1930 الذى قضى فى المادة (41) بإنهاء قوة القانون فى هذه الحالة ، مما يعنى أن إنحسار قوة القانون ستتحدد بالمستقبل ، ولا أثر لها على الماضى .

[42])) الفقرة الثانية من المادة 131 من دستور 2012 .

[43])) يُشار فى هذا الصدد إلى صدور بعض المراسيم بقوانين فى غضون تعطيل الحياة النيابية عام 1930، وحينما أُعيد العمل بدستور 1923 ، وواصل البرلمان  جلسات انعقاده أودعت الحكومة قائمة بتلك المراسيم ، استناداً إلى أن مرسوم التعطيل لم يقض بعرض المراسيم بقوانين ، بما مفاده أن ايداع قائمة المراسيم يقف هدفه حد إعلام البرلمان بها . 

بيد أن البرلمان رفض هذا المسلك وتمسك بعرض نصوص المراسيم كاملة .

انظر مؤلفنا المعنون القانون البرلمانى – 2006 – ص 455 الحاشية رقم (1) والمراجع المذكورة فى هذا الموضع .

[44])) أثار هذا الوضع انقساماً فى الفقه ، ففريق أيد استمرار قوة القوانين للوائح الضرورة حتى يخلص البرلمان لرأى فيها ( أنظر على سبيل المثال : بكر القبانى – دراسة فى القانون الدستورى – ص 446 ، محمود حافظ – القرار الإدارى – 1975 – ص 257- سليمان الطماوى – القرارات الإدارية – 1976 – ص 517 ) ، بينما قدر فريق آخر ضرورة قيام البرلمان بالنصريح برأيه خلال وقت معقول  ، وإلا عُد رافضاً للوائح المطروحة على ساحته ( عثمان خليل – تعليق على حكم مجلس الدولة فى10/ 2 /1948 – مجلة التشريع والقضاء – عدد أول يوليو 1949 – ص 293 ) .

وكنا نرى أن البرلمان عليه ابداء الرأى فى موعد أقصاه نهاية دور الإنعقاد ( العادى أو الطارىء)  الذى عرضت فيه القرارات بقوانين  ، مع الدعوة لتعديل النص لتحديد موعد يتعين فيه على

البرلمان الخروج على صمته وإعلان رفضه أو قبوله للقرارات المحالةعليه .

راجع مؤلفنا فى القانون البرلمانى سابق البيان – ص 466 وما بعدها .

[45])) الربط بين الإيداع من ناحية ، والمناقشة وإبداء الرأى من ناحية أخرى ،أنهى النقاش الذى دار فى ظل دستور 1971 عما إذا كان العرض يقف عند ايداع القرارات بقانون أمانة المجلس ، أم أنه ينصرف كذلك للمناقشة وإبداء الرأى فى القرارات ، فى تفاصيل ذلك راجع مؤلفنا : القانون البرلمانى – 2006 – ص 455 وما بعدها .

[46])) رمزى الشاعر – المرجع السابق – ص 1270

[47])) من هذا الاتجاه: رمزى الشاعر – المرجع السابق – ص 1270 -1271 .، شعبان أحمد رمضان – المرجع السابق – ص78.

[48])) قرر البعض هذا النطاق ب (45) يوماً (شعبان أحمد رمضان – المرجع السابق ص 79، ونرى تحديده بستين يوماً كحد أقصى ، لمواجهة أى فترة تصدر فيها القرارات بقوانين بغزارة.

[49])) يستشف من تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا أُعد فى الدعوى رقم 86 لسنة 38 قضائية دستورية أن المدة الواردة فى المادة 156 من الدستور لها طابع الزامى ، حيث ورد ما يلى : " إذا كان ذلك ، وكان البين أن مجلس النواب التالى فى انتخابه لصدور القرار بقانون المشار إليه ، قد تمت دعوته للانعقاد للدور العادى السنوى الأول بتاريخ 10 / 1 / 2016 ، وكان هذا المجلس قد أحال ذلك القرار بالقانون إلى لجنة خاصة بالمجلس ، وكان المجلس ذاته قد رفض بقراره رقم 1 لسنة 2016 الصادر فى 20 / 1/ 2016 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 7 ( تابع ) فى 18 / 2 / 2016 ، إقرار القرار بقانون الطعين مع إعتماد نفاذه فى الفترة من تاريخ صدوره فى 12 /3 / 2015 ، إلى 20 / 1/ 2016 ، وما يترتب على ذلك من آثار ، بما يكون معه قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 18 لسنة 2015 المشار إليه ، وقد تم عرضه ومناقشته ورفض مع اعتماد نفاذه خلال الفترة سالفة البيان ، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من إنعقاد المجلس الجديد ، جاء مستوفياً للأوضاع الشكلية لصدوره ، على النحو الذى نظمته أحكام المادة (156) من الدستور القائم .. " .

النقرير المشار إليه أعلاه – ص 61 .

[50])) وفقاً للمادة 242 " يستمر العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه .. " .

وحتى إعداد هذه السطور لم تتخذ أى خطوه لإنفاذ النص ، رغم أنه يتحدث عن خطوات تكتمل فى نهاية سنوات الخمس .

[51])) تنص المادة 239 على أن "  يصدر مجلس النواب قانوناً بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية ، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغيرالجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور " .

وبرغم ما تفيده الصياغة من الزام بعدم تخطى المدة المشار إليها ، فلم  تلح فى الأفق أى بادرة ليخرج  هذا القانون للحياة حتى وقتنا الراهن .

وفى ذات اطار التراخى فى الالتزام بالمواعيد الدستورية نلمح كذلك للمادة 241 من الدستور القاضية بالتزام " مجلس النواب فى أول دور إنعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة ، والمحاسبة ، وإقتراح أطر المصالحة الوطنية ، وتعويض الضحايا ، وذلك وفقاً للمعايير الدولية " .

[52])) هناك حكم لمحكمة القضاء الإدارى صدر عام 1952 وزع الرقاية على القرارات بقوانين  بين البرلمان والقضاء بحيث يختص الأول بجانب الملاءمة ، ويناط بالثانى شق الشرعية . وباستعارة عبارات الحكم نقرأ ما يلى : " لا حجة فيما تقوله الحكومة من أن الرقابة على المرسوم بقانون هى رقابة سياسية أو برلمانية لامكان معها لرقابة قضائية ، فالرقابة البرلمانية لا تمنع من الرقابة القضائية ولكل من هاتين الرقابتين طبيعتها ومجالها وأثرها ، فالرقابة البرلمانية رقابة تنبسط على ملاءمة التشريع من حيث موضوعه هل هو صالح فيبقى أو غير صالح فيسقط من الوقت الذى لا يقره فيه البرلمان . أما الرقابة القضائية فتبسط على شرعية المرسوم بقانون من حيث استيفائه لشروطه الدستورية . هل استوفى هذه الشروط فيحكم بصحته ، أو لم يستوفها فيقضى بالغائه ويعتبر عندئذ باطلاً منذ صدوره . فالرقابة البرلمانية رقابة ملاءمة مردها إلى السلطة التقديرية وأثرها هو سقوط المرسوم بقانون من وقت صدوره – أما الرقابة القضائية فرقابة شرعية وأثرها زوال المرسوم بقانون منسحباً هذا الزوال إلى يوم صدوره " .

محكمة القضاء الإدارى – 30 / 6 / 1952 – مجموعة الأحكام – ج 6 – ص 1266 .

وفى تأييد هذا النظر : طعيمة الجرف – مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون – 1973 – ص 127 .

[53])) شعبان أحمد رمضان – المرجع السابق – ص 107 .

[54])) فى تأييد ذلك بخصوص اللوائح التفويضية  وهى لاتختلف عن لوائح الضرورة من زاوية اكتسابها لقوة القانون ورقابة البرلمان لها ، عوض المر – الرقابة على دستورية القوانين فى ملامحها الرئيسية -  2003 - ص 650 .

[55])) المحكمة العليا (المحكمة الدستورية العليا حالياً) – أول أبريل 1972 – مجموعة الأحكام – ج 1 – ص 73، ونطالع فى هذا الحكم الحيثية التالية: " ومن حيث أنه يبين من المستندات التى قدمتها الحكومة أن القرار بقانون المطعون فيه قد عرض على مجلس الأمة فى أول اجتماع له من دور الإنعقاد الأول من الفصل التشريعى الثانى المنعقد فى 28 يناير سنة 1969 فأقره ومن ثم تكون السلطة التشريعية قد أقرت رئيس الجمهورية على قيام حالة الضرورة التى اقتضت اصداره. ولما كان تقدير حالة الضرورة الملئجة لإصدار قرارات بقوانين عملاً بنص هذه المادة ( 119 من دستور 1964 ) مرده إلى السلطة التنفيذية تقدره تحت رقابة السلطة التشريعية بحسب الظروف والملابسات القائمة فى كل حالة فإذا ما عرض القرار بقانون على السلطة التشريعية وأقرته فلا معقب عليها فيما تراه بشأن قيام حالة الضرورة التى الجأت السلطة التنفيذية إلى اصداره فى غيبة السلطة التشريعية " .

وحرى بالذكرأن ذات المحكمة اصدرت فى أول أبريل 1978 حكماُ أبدت فيه بعض التحول فى موقفها من رقابة الضرورة ، حيث أعلنت : " ومن حيث أن ما ذهب إليه المدعى من أن رئيس الجمهورية أصدر القانون رقم 120 لسنة 1962 دون أن تكون هناك ضرورة ملحة لإصداره فى غيبة مجلس الأمة ، مردود بأن تقدير قيام الضرورة لا يخضع لمعيار ثابت ، وانما يتغير بتغير الظروف فما يعتبر ضرورة فى وقت من الأوقات قد لا يعتبر كذلك فى وقت آخر ، ولما كانت الظروف التى صدر فيها القانون رقم 120 لسنة 1960 – بتشديد عقوبة الراشى والمرتشى – قد اقتضت الإسراع بإصدار هذا التشريع حفاظاً على أمن الدولة الاقتصادى ،ومن ثم يكون رئيس الجمهورية إذ اصدر التشريع المشار إليه فى تلك الظروف غير مُجاوزحدود سلطته التقديرية فى هذا الصدد ".

مجموعة أحكام المحكمة العليا ( المحكمة الدستورية العليا  حالياً ) –  1 / 4 / 1978 ج 2 – ص 120 .

ومن أحكام القضاء الإدارى  المعبرة عن وقوف الرقابة على لوائح الضرورة حد الرقابة البرلمانية حكم محكمة القضاء الإدارى – 23 / 12 / 1954 – مجموعة الأحكام – ج 9 – 171 .

[56])) المادة (135) من دستور 1956 ، المادة (147) من دستور 1971 ، المادة (131) من دستور 2012 ، المادة (156) من دستور 2014.

[57])) يستثنى من ذلك دستور 1964 الذى احتفظت مادته (119) بالوضع القائم فى دستورى 1923، 1930.

[58])) لم تشذ المادة 156 من الدستور الحالى عن هذا النهج. وانطلاقاً من ذلك ورد فى تقرير هيئة المفوضين فى الدعوى رقم 86 لسنة 38 ق. دستورية ( ص 10 ) أن الخيارات المتاحة للبرلمان هى :

- الموافقة على القرار بقانون .

- عدم إقرار القرار بقانون .

- اعتماد نفاذ القرار القرار بقانون فى الفترة السابقة .

- تسوية ما ترتب على القرار بقانون من آثار .

وما ورد فى البندين الثالث والأخير يعوزه الدقة ، فإعتماد النفاذ فى الماضى ، أو تسوية الآثار فى الفترة السابقة لا محل لهما إلا فى فرض الرفض . وبالتالى يمكن القول أن خيارات البرلمان هى : 1- الموافقة على القرار 2- رفض القرار 3- رفض القرار مع اعتماد نفاذه فى الفترة السابقة ، أو   مع تسوية ما ترتب فى الماضى من آثار .

[59])) سليمان الطماوى – النظرية العامة للقرارات الإدارية – 1976 – ص 520. ومن هذا الاتجاه أيضاً : محمود حافظ – القرار الإدارى – دراسة مقارنة – ج 1 – 1975 –  ص 262 ، عاطف البنا – الرقابة القضائية للوائح الإدارية – 1997 – ص198 ، شعبان أحمد رمضان – المرجع السابق – ص 93  .

[60])) المحكمة الدستورية العليا 2 / 1/ 1999 - مجموعة الأحكام – ج 9 – ص 133.

[61])) الفقرة الأخيرة من المادة 131 من دستور 2014.

[62])) رمزى الشاعر – المرجع السابق – ص 1278.

[63])) ويتصل بذلك ما نصت عليه المادة 190 من الدستور فى صورتها الأولى من اختصاص مجلس الدولة وحده بمراجعة وصياغة القرارات ذات الصبغة التشريعية ، ومنها القرارات بقانون . ولامراء فى أن إعمال هذا القيد كان يمثل عبئاً على مصدر القرارات بقانون ، التى لا تتخذ إلا والدولة تواجه ظروفاً استثنائية ، تتطلب سرعة التصرف دون إبطاء .

وحسناً فعل المشرع التأسيسى فى تعديل 2019 بإيقاف الرجوع لمجلس الدولة على تقدير الجهة المحيلة . ونعتقد أن الأفضل كان النص صرحة على استثناء القرارات التى تصدر طبقاً للمادة 156 من هذا  الرجوع .

[64])) المحكمة الدستورية العليا – 6 / 2 / 1993 – مجموعة الأحكام – ج 5 / 2 – ص 203 .

[65])) رمزى الشاعر – المرجع السابق – ص 1276 .

[66])) قلنا بهذا الرأى فى اطار دستور 1971 ، وفى ظل عدم تغير المعطيات التى دعتنا لذلك نُعيد التذكره به .

[67])) مع الأسف يناهض الواقع ذلك، فالعديد من القرارت بقوانين نظمت موضوعات غاية فى الأهمية كقانون مجلس الدولة ( رقم  47 لسنة 1972 ) وقانون السلطة القضائية ( رقم 46لسنة 1972 ) ، وقانون تنظيم الجامعات  ( رقم 49 لسنة 1972 ) .

[68])) المح البعض – بحق – أن العبارة الأخيرة من نص المادة 156 من الدستور المتعلقة بتسوية الآثار ، " يمكن أن تؤدى إلى فهم أن قرار المجلس بتسوية ما ترتب على القرار بقانون من آثار فى الماضى ينصرف إلى الصورتين ( رفض القرار بقانون – عدم عرضه أو عرضه بعد الميعاد ) ، وهو غير صحيح . ولقد كان دستور 1971 أكثر توفيقاً وأفضل صياغة فى ترتيب هذه الآثار ، حيث كانت تنص المادة 147 على أنه " فإذا لم تعرض ( القرارات بقوانين ) زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك ، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب على آثارها بوجه آخر " .

 رمزى الشاعر – المرجع السابق – ص 1272 .

[69])) نشر قرار البرلمان بالرفض فى الجريدة الرسمية بتاريخ 28 فبراير 2016 ، العدد (7) تابع .

[70])) لعله مما يناسب المقام الإشارة إلى حكم للقضاء الدستورى أعلن فيه عدم اختصاصه برقابة الأعمال البرلمانية بالقول " أن القرار الذى يصدره مجلس الشعب بترشيح مرشح لمنصب رئيس الجمهورية هو قرار وإن كان يصدر عن المجلس بوصفه عملاٍ برلمانياً ، إلا أنه لا يعدو أن يكون حلقة فى سلسلة إجراءات تتوخى بلوغ نتيجة محددة هى التوصل إلى شغل منصب رئيس الجمهورية عن طريق الاستفتاء الشعبى ، وبذلك فإن هذا القرار يعد فى فحواه ومضمونه ذا طبيعة إجرائية بحته تحول وأن يكون تشريعاً أصلياً أو فرعياً مما تمتد إليه الرقابة القضائية لهذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح " .

المحكمة الدستورية العليا – 11 / 5 / 2003 – مجموعة الأحكام – ج 10 – ص 1047 .

[71])) فى عدم خضوع الأعمال البرلمانية للرقابة القضائية راجع مؤلفنا المعنون : مسئولية الدولة عن أعمالها غير التعاقدية – 1995 – ص 64 وما بعدها .

[72])) أنظر ما سبق.

[73])) كانت  المادة 177 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب لسنة 1972 ، تقيد – بلا سند - رفض المجلس للقرار بقانون بتوافر اغلبية خاصة هى أغلبية الأعضاء .

وبلغ التشدد مداه فى دستور 1958 حيث ربطت المادة 53رفض القرارات بفانون باقتضاء اتفاق 2/3 أعضاء البرلمان .

[74])) تناولت المادة 122 من الدستور تنظيم الاعتراض على مشروعات القوانين ، واصدارها . وطبقاً لها " لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها .

" وإذا اعترض رئًيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب رده إليه خلال ثلاثين يوماً من إبلاغ المجلس إياه ، فإذا لم يرد مشروع القانون فى هذا الميعاد اعتبر قانوناً وأصدر " .

[75])) المحكمة الدستورية العليا – 2 / 7 / 2022 – الجريدة الرسمية فى 4 / 7 / 2022 – العدد 26 مكرر .

[76])) هذا ما تنادى به بعض الآراء الفقهية حتى الآن ، وترجمة لذلك قيل " أن المحكمة الدستورية العليا ليس لها أن تُعقب على مجلس النواب فى إقراره قيام حالة الضرورة أو عدم قيامها " .

رمزى الشاعر – المرجع السابق – ص 1261 – 1262 .

وكانت هناك آراء تقول بذلك فى ظل دستور 1971 ، ومنها ما سطره سعد عصفور فى مؤلفه النظام الدستورى المصرى – 1980-  ص131 من أنه عندما " تقرر السلطة التنفيذية قيام حالة الضرورة فإنها تخضع للمساءلة السياسية طبقاً للأوضاع المحددة فى الدستور . فالمساءلة من الناحية السياسية فحسب ، لأن القضاء لا يستطيع أن يراجع السلطة التنفيذية فى تقدير قيام حالة الضرورة أوعدم قيامها " .

[77])) راجع ما سبق .

[78]))  فى ذلك انظر على سبيل المثال : مؤلفنا المعنون وجيز دعوى الإلغاء طبقاً لأحكام القضاء- 2018 – ص 37 وما بعدها .

[79])) واتفاقاً مع ذلك قضى بأن محاكم " مجلس الدولة عليها أن تفصل فى مدى الوجود المادى والشكلى الصحيح والسليم للنص أو القاعدة القانونية واجبة التطبيق ومدى صحتها وسلامتها من الوجهة الشكلية طبقاً للدستور والقانون والثابت من الأوراق أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 186 لسنة 1986 قد قدم للمجلس فى المواعيد المقررة وقد عرض على مجلس الشعب قبل حله ثم أُعيد العرض بعد تشكيل المجلس الجديد وتمت مراجعة هذا المجلس لأحكامه ووافق ومن ثم فإن النعى على القرار بقانون المذكور بأنه من الناحية الشكلية لم يأخذ شكله الدستورى والقانونى وفقاً للقواعد الدستورية يكون على غيرسند من الواقع أو القانون ” .

المحكمة الإدارية العليا - 2 / 3 / 1991 – مشار إليه فى : محمد ماهر أبو العينين- المفصل فى شرح اختصاص مجلس الدولة – 2004 – ج 1 - ص 280 ، 281 .

[80])) من الأهمية بيان أن رفض القرار بقانون يزيل عنه قوة القانون بأثر رجعى ، وعليه يعد بمثابة لائحة ، ويمكن النعى على مشروعيته أمام مجلس الدولة .

فى ذلك انظر على سبيل المثال : عاطف البنا – الرقابة القضائية للوائح الإدارية – 1997 – ص 202 .

[81])) يلمح إلى ذلك حكم لمحكمة القضاء الإدارى أوضحت فيه  إن " كانت السوابق القضائية تؤيد القول بأن القرارات الجمهورية بقوانين هى قرارات إدارية يجوز الطعن فيها أمام مجلس الدولة لحين عرضها على البرلمان  إلا أن الرقابة القضائية على هذه القرارات تتأبى أن تبحث فى القرار بقلنون من وجهة مطابقته أوعدم مطابقته للقوانين العادية الصادرة من السلطة التشريعية لأن هذا المرسوم له قوة القانون بنص الدستور فيكون قادراً على تعديل تلك القوانين ومخالفتها ومن ثم تمتنع محاسبته على أساس مكانته التى زوده بها الدستور لتنحصر الرقابة عليه فى التأكيد من إلتزامه بأحكام الدستور بمعنى أن تلك الرقابة هى من قبيل الرقابة الدستورية المباشرة ، وقد كانت السوابق القضائية المشار إليها موقعها من تاريخ القضاء المصرى فى الحقبة الزمنية التى صاحبت سكوت الدستور القائم آنذاك والنظام القانونى السارى عن تنظيم الرقابة على دستورية القوانين عن طريق الامتناع عن تطبيق القانون غير الدستورى فى القضية المعروضة عليه أما بعد إنشاء محكمة مستقلة تختص دون غيرها بالفصل فى دستورية القوانين فإن الطعن على هذه القرارات بقوانين من حيث دستوريتها تخرج من اختصاص محكمة القضاء الإدارى " .

محكمة القضاء الإدارى – 29 / 5 / 1979 – الطعن رقم 1193 لسنة 33 ق . ، مشار إليه فى : محمد ماهر أبو العينين – دعوى الإلغاء – الكتاب الأول - 2000 - ص 92 وما بعدها .

[82])) المادة 192 من الدستور .

[83])) المحكمة الدستورية العليا – 4 / 5 / 1985 – مجموعة أحكام المحكمة – ج 3  – ص 195 .

[84])) المحكمة الدستورية العليا – 2 /1 / 1999 – مجموعة الأحكام – ج 9 – ص 133.

[85])) المحكمة الدستورية العليا – 21 / 6 / 1986 – مجموعة الأحكام – ج 3 – ص 336.

[86])) فى دراسة مفصلة للقرار بقانون راجع مقالنا المعنون: تعديل المادة 49 /3 من قانون المحكمة الدستورية العليا فى حاجة إلى تعديل – مجلة القانون والاقتصاد – حقوق القاهرة – عدد 2001 – ص 59 وما بعدها.

[87])) المحكمة الدستورية العليا – 7 / 7 / 2002 – مجموعة الأحكام – ج 10-  ص 493 .

[88])) أنظر مؤلفنا فى القانون البرلمانى – المرجع السابق – ص 450 – 451 ، ومقالنا: القاضى الدستورى: ثلاثة تحولات فى خمس سنوات – المجلة الدستورية - العدد الثالث – ص 57.

[89])) المحكمة الدستورية العليا – 4 / 1 /  2020 – الدعوى 126 لسنة 38 قضائية دستورية - الجريدة الرسمية – العدد 2 مكرر (أ) بتاريخ 13 / 1 / 2020 .

[90])) المحكمة الدستورية العليا – 2 / 7 / 2022 – الدعوى رقم 86 لسنة 38 قضائية دستورية – الجريدة الرسمية – العدد 26 ( مكرر ) فى 4 /  7 / 2022 .

[91])) من العيوب التى استخلصها تقرير اللجنة البرلمانية الخاصة نظام الأجور حيث سُطر : " تهتم منظومة الأجور التى تناولها القانون بالحق الثابت للموظف فى تقاضى أجر يكفيه العيش يكرامة . فعلى سبيل المثال علاوة شهر يوليو ، التى كان يصدر بها قرار  من رئيس الجمهورية بتحديد قيمتها كل عام منذ العام 1987 ، أصبح لها نسبة ثابتة  فى القانون الجديد ، بقيمة 5% من الأجر وهى نسبة ضعيفة جداً مقارنة بمستوى التضخم الذى يزيد على 10 % سنوياً ، وهوما يعنى أن الدخول ستقل عن المستوى العام للأسعار بالسوق " .

وعلى ذات النسق جاء بالتقرير أنه " تم إقرار أن ساعات العمل الأسبوعية لا تقل عن خمسة وثلاثين ساعة بالمادة (43) ولكن لم يتم النص على الحد الأقصى لعدد ساعات العمل كما لم يتم النص على المقابل المادى لعدد ساعات العمل التى تزيد عن الحد الأدنى وتم إحالة تحديد المقابل المادى للساعات الزائدة لقرار من رئيس مجلس الوزراء بالمادة (40) .

" إن القانون كان يجب أن يحدد عدد ساعات العمل القصوى اليومية والأسبوعية كما كان عليه أن يحدد قيمة المقابل المالى لساعات العمل الإضافية . فكيف يقوم المشرع بتحديد كل ذلك والزام صاحب العمل الخاص به فى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ثم يتم التنصل من ذلك عندما تصبح الحكومة هى رب العمل " .

[92])) المواد 26 ، 29 والملحق رقم (1) لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ، المقابلة للمواد 26 ، 29 من القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 .

[93])) أنظر على سبيل المثال : المحكمة الدستورية العليا – 12 / 11 / 2006 – مجموعة الأحكام – ج 12/ 1 – ص 119 ، وفى هذا الحكم أُعلن : " المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليهم خلال فترة نفاذها إذ تتحقق مصلحتهم الشخصية المباشرة بإبطال ما ترتب على هذه القاعدة من آثار قانونية فى شأنهم إبان نفاذها " .